حتى يبلو صبرهم وصحة ضمائرهم، وليميز المخلص من غير المخلص، والراسخ في الدين من المضطرب فيه. * (ولقد فتنا الذين من قبلهم) * يعني: أتباع الأنبياء قبلهم فقد أصابهم من الفتن بالفرائض التي افترضت عليهم أو بالشدائد والمحن.
وجاء في الحديث: " قد كان من قبلكم يؤخذ فيوضع المنشار على رأسه فيفرق فرقتين ما يصرفه ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون عظمه من لحم وعصب ما يصرفه ذلك عن دينه " (1).
و * (ليعلمن الله) * بالامتحان * (الذين صدقوا) * في الإيمان * (وليعلمن الكذبين) * فيه، ولم يزل عز وعلا عالما بذلك ولكنه لا يعلمه موجودا إلا إذا وجد، والمعنى: وليميزن الصادق من الكاذب، ورووا عن علي (عليه السلام): فليعلمن وليعلمن (2)، من الإعلام أي: وليعرفنهم الله الناس من هم، أو: ليسمنهم بسمة يعرفون بها من بياض الوجوه وسوادها.
وروي: أن العباس جاء إلى علي (عليه السلام) فقال له: امش حتى يبايع لك الناس، فقال: أتراهم فاعلين؟ قال: نعم، قال: فأين قول الله عز وجل: * (ألم أحسب الناس) * الآيات (3)؟
* (أن يسبقونا) * أي: يفوتونا، يعني: أن الجزاء يلحقهم، مثل قوله: * (وما هم بمعجزين) * (4)، و * (أم) * منقطعة، ومعنى الإضراب فيها أن هذا الحسبان أبطل من الحسبان الأول، لأن ذلك يقدر أنه لا يمتحن لإيمانه، وهذا يظن أنه لا يجازى بكفره وعصيانه * (ساء ما يحكمون) * أي: بئس الذي يحكمونه حكمهم هذا،