تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٢٧٩
تقدير جواب سائل يقول: كيف مثلهم؟ فقيل: أعمالهم كرماد، أو يكون * (أعملهم) * بدلا من * (مثل الذين كفروا) * والتقدير: مثل أعمال الذين كفروا * (كرماد اشتدت به الريح) * فذرته وسفته * (في يوم عاصف) * جعل العصف لليوم وهو لما فيه، كما تقول: يوم ماطر، و * (أعملهم) * هي: المكارم التي كانت لهم من صلة الأرحام وعتق الرقاب وإغاثة الملهوفين وإكرام الأضياف وغير ذلك من صنائعهم، شبهت في حبوطها وذهابها هباء منثورا لبنائها على غير أساس من معرفة الله تعالى والإيمان به برماد طيرته الريح العاصف * (لا يقدرون) * يوم القيامة منها * (على شئ) * كما لا يقدر من الرماد المطير على شئ لا يرون بشئ منها ثوابا.
* (ألم تر أن الله خلق السماوات والأرض بالحق إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد (19) وما ذلك على الله بعزيز (20) وبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شئ قالوا لو هدانا الله لهديناكم سواء علينا أجزعنا أم صبرنا مالنا من محيص (21)) * * (بالحق) * بالحكمة والغرض الصحيح ولم يخلقهما عبثا ولا شهوة، وقرئ:
" خالق السماوات والأرض " (1) * (إن يشأ يذهبكم) * أي: يعدمكم * (و) * يخلق مكانكم خلقا آخرين. * (وما ذلك على الله) * بممتنع متعذر، بل هو عليه هين يسير، لأنه قادر لذاته، لا اختصاص له بمقدور دون مقدور.
* (وبرزوا لله) * ويبرزون يوم القيامة لله، أي: يظهرون من قبورهم ويخرجون منها لحكم الله وحسابه، و * (الضعفاء) *: الأتباع والعوام، والذين * (استكبروا) *:
سادتهم وكبراؤهم الذين استتبعوهم واستغووهم وصدوهم عن اتباع الأنبياء

(١) قرأه حمزة والكسائي. راجع التبيان: ج ٦ ص ٢٨٦.
(٢٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 ... » »»