تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ١٤٤
سبيلك) * قيل: هو دعاء بلفظ الأمر (1) كقوله: * (ربنا اطمس... واشدد) * لما لم يبق له طمع في إيمانهم اشتد غضبه عليهم فدعا الله عليهم بما علم أنه لا يكون غيره، ليشهد عليهم أنهم لا يستحقون إلا الخذلان، وأن يخلي بينهم وبين ضلالهم، ومعنى الطمس على الأموال: تغييرها عن جهتها إلى جهة لا ينتفع بها، قيل: صارت جميع أموالهم حجارة (2)، والشد على القلوب: عبارة عن الخذلان والطبع * (فلا يؤمنوا) * جواب للدعاء، وقيل: إن اللام في * (ليضلوا) * للتعليل (3) على أنهم جعلوا نعمة الله سببا في الضلال فكأنهم أعطوها ليضلوا، وقوله: * (فلا يؤمنوا) * عطف على * (ليضلوا) *، وقوله: * (ربنا اطمس على أموا لهم واشدد على قلوبهم) * دعاء معترض بين المعطوف والمعطوف عليه، وكان موسى يدعو وهارون يؤمن فسماهما داعيين (4).
* (فاستقيما) * فاثبتا على ما أنتما عليه من الدعوة والزيادة في إلزام الحجة.
الصادق (عليه السلام): " مكث فرعون بعد هذا الدعاء أربعين سنة " (5).
* (ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون) * أي: لا تتبعا طريق الجهلة ولا تعجلا، وقرئ: " ولا تتبعان " بنون الخفيفة وكسرها (6) لالتقاء الساكنين تشبيها بنون التثنية.

(١) قاله الحسن والكسائي وأبو عبيدة والفراء. راجع التبيان: ج ٥ ص ٤٢٣، ومجاز القرآن:
ج ١ ص ٢٨١، ومعاني القرآن: ج ١ ص ٤٧٧، والبحر المحيط: ج ٥ ص ١٨٦.
(٢) وهو قول ابن عباس ومحمد بن كعب وقتادة والضحاك وأبي صالح والسدي ومحمد بن سليمان المقدسي. راجع البحر المحيط لأبي حيان: ج ٥ ص ١٨٧.
(٣) وهو قول الخليل وسيبويه على ما حكاه عنهما القرطبي في تفسيره: ج ٨ ص ٣٧٤.
(٤) وهو قول ابن عباس ومحمد بن كعب والربيع وابن زيد وعكرمة وأبي العالية. راجع التبيان:
ج ٥ ص ٤٢٤
، والبحر المحيط: ج ٥ ص ١٨٧.
(٥) تفسير العياشي: ج ٢ ص ١٢٧ ح ٤٠.
(٦) وهي قراءة ابن ذكوان وابن عامر إلا الداحوني عن هشام. راجع التبيان: ج ٥ ص ٤٢٥.
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»