تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٦٤٣
على التصرف فيها * (وجعلنا لكم فيها معيش) * جمع معيشة، وهي ما يعاش به من أنواع الرزق ووجوه النعم والمنافع، أو ما يتوصل به إلى ذلك (1)، والوجه التصريح بالياء (2)، وقرأ بعضهم بالهمزة (3) على التشبيه ب‍ " صحائف "، * (ولقد) * خلقنا أباكم آدم طينا غير مصور * (ثم) * صورناه بعد ذلك * (ثم قلنا للملائكة اسجدوا لادم) *، و " لا " في قوله: * (ألا تسجد) * صلة بدليل قوله: * (ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي) * (4)، والفائدة في زيادتها توكيد معنى الفعل الذي تدخل عليه وتحقيقه (5)، كأنه قيل: ما منعك أن تحقق السجود وتلزمه نفسك * (إذ أمرتك) *، لأن أمري لك بالسجود قد أوجبته عليك لابد لك منه، قال: * (أنا خير منه خلقتني من نار) * وعن ابن عباس: قاس إبليس فأخطأ القياس، وهو أول من قاس (6).
وإنما دخلت الشبهة عليه من حيث ظن أن النار أشرف من الطين ومن حق الأشرف أن لا يؤمر بالسجود للأدون، فكأنه قال: من كان على مثل صفتي يستبعد

(١) قاله الزمخشري في الكشاف: ج ٢ ص ٨٩.
(٢) قال أبو جعفر النحاس: والهمز لحن لا يجوز، لأن الواحد معيشة فزدت ألف الجمع وهي ساكنة والياء ساكنة فلابد من تحريك، إذ لا سبيل إلى الحذف والألف لا تحرك فحركت الياء بما كان يجب لها في الواحد، ونظيره من الواو منارة ومناور ومقامة ومقاوم. راجع إعراب القرآن: ج ٢ ص ١١٥، واختاره الفراء في معاني القرآن: ج ١ ص ٣٧٣، وقال الزجاج: وأكثر القراء على ترك الهمز... وجميع البصريين يزعمون أن همزها خطأ وذكروا أن الهمز إنما يكون في هذه الياء إذا كانت زائدة نحو صحيفة وصحائف، فأما معايش فمن العيش الياء أصلية. انظر معاني القرآن: ج ٢ ص ٣٢٠.
(٣) وهي قراءة خارجة عن نافع والأعرج والأعمش. راجع معاني القرآن للزجاج: ج ٢ ص ٣٢٠، وشواذ القرآن لابن خالويه: ص ٤٨، والتبيان: ج ٤ ص ٣٥٣.
(٤) ص: ٧٥.
(5) وهو قول الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 89.
(6) حكاه عنه الرازي في تفسيره: ج 14 ص 34، ونقل الطبري في تفسيره: ج 5 ص 441 هذا القول ونسبه إلى الحسن وابن سيرين.
(٦٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 638 639 640 641 642 643 644 645 646 647 648 ... » »»