تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٥٥٥
خذلوا كما أنهم مخذولون اليوم، فهذا لبس الله عليهم * (ولقد استهزئ) * تسلية للنبي (صلى الله عليه وآله) عما كان يلقاه من قومه " فحاق بهم " فأحاط بهم الشئ الذي * (كانوا...
يستهزءون) * به وهو الحق حيث أهلكوا من أجل الاستهزاء به، وقيل: فأحاط بهم العذاب الذي يسخرون من وقوعه (1).
* (قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عقبة المكذبين (11) قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله كتب على نفسه الرحمة ليجمعنكم إلى يوم القيمة لا ريب فيه الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون (12) وله ما سكن في اليل والنهار وهو السميع العليم) * (13) * (سيروا في الأرض) * سافروا فيها * (ثم انظروا) * (2) بأبصاركم وتفكروا بقلوبكم * (كيف كان عقبة المكذبين) * المستهزئين بالرسل من الأمم السالفة * (لمن ما في السماوات والأرض) * سؤال تبكيت، و * (قل لله) * تقرير لهم، أي: هو لله لا خلاف بيني وبينكم في ذلك، ولا تقدرون أن تضيفوا شيئا منه إلى غيره * (كتب على نفسه الرحمة) * أي: أوجبها على ذاته في هدايتكم إلى معرفته ونصب الأدلة

(١) قاله السدي على ما حكاه عنه الطبري في تفسيره: ج ٥ ص ١٥٤، ونسبه البغوي في تفسيره: ج ٢ ص ٨٦ إلى الضحاك.
(٢) قال الزمخشري في الكشاف: ج ٢ ص ٨ ما لفظه: فإن قلت: أي فرق بين قوله:
* (فانظروا) * وبين قوله: * (ثم انظروا) *؟ قلت: جعل النظر مسببا عن السير في قوله:
* (فانظروا) * فكأنه قيل: سيروا لأجل النظر ولا تسيروا سير الغافلين، وأما قوله: * (سيروا في الأرض ثم انظروا) * فمعناه إباحة السير في الأرض للتجارة وغيرها من المنافع وإيجاب النظر في آثار الهالكين، ونبه على ذلك ب‍ * (ثم) * لتباعد ما بين الواجب والمباح، انتهى. قال المحشي: وأظهر من هذا التأويل أن يجعل الأمر بالسير في المكانين واحدا، ليكون ذلك سببا في النظر، فحيث دخلت الفاء فلإظهار السببية، وحيث دخلت * (ثم) * فللتنبيه على أن النظر هو المقصود من السير، وأن السير وسيلة إليه لاغير، وشتان بين المقصود والوسيلة.
(٥٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 550 551 552 553 554 555 556 557 558 559 560 ... » »»