التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٣١٥
إلى المفعول، والذنب وإن كان غير متعد إلى مفعول جاز ان يحمل على المصدر الذي هو في معناه، والصد متعد كما قال الشاعر:
جئني بمثل بني بدر لقومهم * أو مثل أسرة منظور بن سيار (1) لما كان معنى جئني هات أعطني عطف أو (مثل) على المعنى فنصبه، ومثله كثير في اللغة.
وقوله (ويتم نعمته عليك) فاتمام النعمة فعل ما يقتضيها من تبقيتها على صاحبها والزيادة منها، فالله تعالى قد أنعم على النبي صلى الله عليه وآله وتممها بنصره على أعدائه الرادين لها المكذبين بها حتى علا بالحجة والقهر لكل من ناواه. وقيل يتم نعمته عليك بفتح مكة وخيبر والطائف. وقيل بخضوع من تكبر وطاعة من تجبر.
وقوله (ويهديك صراطا مستقيما) أي يرشدك إلى الطريق الذي إذا سلكته اذاك إلى الجنة، لا يعدل بك إلى غيرها (وينصرك الله نصرا عزيزا) فالنصر العزيز هو الذي يمنع من كل جبار عنيد وعات أثيم. وقد فعل الله تعالى ذلك بنبيه محمد صلى الله عليه وآله فصار دينه أعز الأديان وسلطانه أعظم السلطان.
وقوله (هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين) وهو ما يفعل الله تعالى بهم من اللطف الذي يحصل لهم عنده بصيرة بالحق تسكن إليها نفوسهم ويجدون الثقة بها بكثرة ما ينصب الله لهم من الأدلة الدالة على الحق فهذه النعمة التامة للمؤمنين خاصة. فأما غيرهم فتضطرب نفوسهم لأول عارض من شبهة ترد عليهم، لأنهم لا يجدون برد اليقين في قلوبهم. وقيل: السكينة ما تسكن إليه قلوبهم من التعظيم لله ورسوله والوفاء له.
وقوله (ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم) أي ليزدادوا معارف أخر بما أوجب

(1) قد مر في 3 / 455 و 6 / 30
(٣١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 ... » »»
الفهرست