النفع العائد على الخلق دونه تعالى لاستحالة النفع عليه ودفع المضار، لأنه غني بنفسه لا يحتاج إلى غيره، وكل الناس محتاجون إليه. ومن زعم أن التأويل ما أريد ان يرزقوا عبادي ولا أن يطعموهم، فقد ترك الظاهر من غير ضرورة. وقال ابن عباس: معنى (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) الا ليتقربوا لي بالعبودية طوعا وكرها.
ثم بين تعالى انه - عز وجل - هو الرزاق لعباده فقال (ان الله هو الرزاق) والخلق له يرزقونه (ذو القوة) صاحب القدرة (المتين) ومعناه انه القوي الذي يستحيل عليه العجز والضعف، لأنه ليس بقادر بقدرة، بل هو قادر لنفسه، ولأنه ليس بجسم، والجسم هو الذي يحلقه ضعف. ومن خفض (المتين) - وهو يحيى ابن وثاب - جعله صفة للقوة، وذكره لأنه ذهب إلى الحبل والشئ المفتون يريد القوة، قال الشاعر:
لكل دهر قد لبست أثوبا * من ريطة واليمنية المعصبا (1) فذكر لان اليمنية ضرب من الثياب وصنف منها، ومن فسر (المتين) بالشديد فقد غلط، لان الشديد هو الملتف بما يصعب معه تفكيكه. ووصف القوة بأنها أشد يؤذن بالمجاز، وانه بمعنى أعظم.
ثم اخبر تعالى بأن (للذين ظلموا) نفوسهم بارتكاب المعاصي (ذنوبا) أي نصيبا وأصله الدلو الممتلئ ماء، كما قال الراجز:
لنا ذنوب ولكم ذنوب * فان أبيتم فلنا القليب (2) وقال علقمة: