التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٢٧٥
تقربهم إلى الله زلفى.
ثم اخبر تعالى انه اعطى لقمان الحكمة، فقال ابن عباس ومجاهد وقتادة:
لم يكن لقمان نبيا. وقال عكرمة: كان نبيا. وقيل: انه كان عبدا أسودا حبشيا ذا سفة. فقال له بعض الناس: ألست الذي كنت ترعى معنا؟ فقال: نعم.
فقال له: من أين أوتيت ما أرى؟ فقال: بصدق الحديث والصمت عما لا يعنيني.
والحكمة التي آتى الله لقمان هو معرفته بتوحيده، ونفي الشرك عنه. وما فسرناه في ما بعد وهو ان أمره بأن يشكر لله على نعمه التي أنعم بها عليه.
ثم اخبر تعالى فقال " ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه " أي من يشكر نعمة الله ونعمة من أنعم عليه، فإنه يشكر لنفسه، لان ثواب شكره عائد عليه " ومن كفر فان الله غني حميد " أي من جحد نعمة الله، فإنه تعالى غني عن شكره حميد على أفعاله، وعقاب ذلك عائد على الكفار دون غيرهم، والشكر لا يكون إلا على نعمة سبقت، فهو يقتضي منعما، فلا يصح على ذلك أن يشكر الانسان نفسه، لأنه لا يجوز أن يكون منعما عليها، وهو جرى مجرى الدين في أنه حق لغيره عليه يلزمه أداؤه، فكما لا يصح أن يقرض نفسه فيجب أن يقضي ذلك الدين لنفسه، فكذلك لا يصح أن ينعم على نفسه فيلزمه شكر تلك النعمة ثم قال تعالى وأذكر يا محمد " إذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم " إذ قال له لا تعبد مع الله غيره فان من فعل ذلك فقد ظلم نفسه ظلما عظيما. ويجوز أن يتعلق قوله " وإذ قال لقمان " بقوله " ولقد آتينا لقمان الحكمة... إذ قال لابنه... لا تشرك بالله " ثم قال تعالى " ووصينا الانسان بوالديه " أي وصيناه وأمرناه بالاحسان إلى والديه.
والرفق بهما " حملته أمه وهنا على وهن " قال الضحاك: معناه ضعفا على ضعف
(٢٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 ... » »»
الفهرست