التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٢٧٢
وقوله " ويتخذها هزوا " أي يتخذ سبيل الله سخرية، فلا يتبعها ويشغل غيره عن اتباعها. والضمير في قوله " ويتخذها " يجوز أن يكون راجعا إلى الحديث، لأنه بمعنى الأحاديث، ويجوز أن يكون راجعا إلى (سبيل الله) والسبيل يؤنث ويذكر. ويجوز أن يكون راجعا إلى (آيات الله) في قوله " تلك آيات الكتاب ".
ثم اخبر تعالى أن من هذه صفته " له عذاب مهين " أي عذاب بذله.
والاذلال بالعداوة هو الهوان. فأما اذلال الفقر والمرض، فليس بهوان، ولا إذلال على الحقيقة. وإذلال العقاب لا يكون إلا هوانا، وإن كان العذاب على وجه الامتحان، فلا يكون هوانا أيضا.
ثم اخبر تعالى عن صفة هذا الذي يتخذ آيات الله هزوا ويشتري لهو الحديث أنه " إذا تتلى عليه آياتنا " التي هي القرآن " ولى مستكبرا " أي اعرض عنها تكبرا عن استماعها. والكفر فيها، كأنه " لم يسمعها " من حيث لم يفكر فيها، ولم يعتبر بها و " كأن في اذنيه وقرا " أي ثقلا يمنع من سماعه. ثم امر نبيه صلى الله عليه وآله أن يبشر من هذه صفة " بعذاب اليم " أي مؤلم موجع.
ثم اخبر تعالى عن صفة المؤمنين للمصدقين بتوحيد الله وصدق أنبيائه فقال " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات " أي صدقوا بالله ونبيه وفعلوا الطاعات " لهم جنات النعيم " يوم القيامة يتنعمون فيها * (خالدين فيها) * أي مؤبدين في تلك البساتين * (وعد الله حقا) * أي وعده الله حقا، لا خلف لوعده * (وهو العزيز) * في انتقامه * (الحكيم) * في أفعاله، إذ لا يفعل إلا ما فيه المصلحة ووجه من وجوه الحكمة ثم اخبر تعالى عن نفسه بأنه * (خلق السماوات) * فأنشأها واخترعها
(٢٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»
الفهرست