التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٥٣٢
اثنتا عشرة آية.
كلهم قرأ * (أصطفى) * بفتح الهمزة إلا ورشا وإسماعيل عن نافع، فإنهما وصلاه على الخبر. وبه قرأ أبو جعفر قال أبو علي الفارسي: يجوز أن يكون على تقدير لكاذبون في قولهم قالوا: اصطفى، ويجوز أن يكون اصطفى النبات على ما يقولونه، والوجه قطع الهمزة، لأنه على وجه التقريع، ويقويه قوله * (أم اتخذ مما يخلق بنات) * قال قتادة والسدي: ان قريشا كانت تقول: الملائكة بنات الله تعالى، فأمر الله نبيه صلى الله عليه وآله أن يستفتهم بمعنى ان يطلب الحكم منهم في هذه القضية على وجه التقريع لهم والتوبيخ على قولهم بأن يقول لهم ألربكم البنات؟! يعني كيف يقولوا لربك البنات يا محمد ولهم البنون؟ ومن أين علموا ان الملائكة إناثا اشاهدوا خلق الله لهم؟!
فرأوهم إناثا؟ فإنهم لا يمكنهم ادعاء ذلك.
ثم اخبر تعالى فقال * (ألا انهم من إفكهم) * أي من كذبهم - في قول قتادة والسدي - هذا القول.، وهو ان يقولوا * (ولد الله. وإنهم لكاذبون) * في هذا القول. ثم قال * (اصطفى البنات على البنين) * من قطع الهمزة أراد الانكار بلفظ الاستفهام، والمعنى كيف يكون هذا، وكيف يختار البنات على البنين، ومن وصل الهمزة أراد الاخبار بذلك، فالاصطفاء إخراج الصفوة من الشئ، وهي خالصه. وإنما يصطفي الله تعالى أفضل الأشياء، ومن اصطفى الأدون على الأفضل مع القدرة على الاعلى كان ناقصا. والله تعالى لا يليق بصفات النقص في اصطفاء النبات على البنين مع استحالة اتخاذ الولد عليه، لما في ذلك من معنى التشبيه، لأنه إنما يتخذ
(٥٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 527 528 529 530 531 532 533 534 535 536 537 ... » »»
الفهرست