التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٤٩٥
أخلصوا عبادتهم لله وحده، بين ما أعد لهم من أنواع الثواب، فقال " أولئك لهم رزق معلوم " يعني عطاء جعل لهم التصرف فيه وحكم لهم به في الأوقات المستأنفة في كل وقت شيئا معلوما مقدرا. ثم فسر ذلك الرزق، فقال ذلك الرزق " فواكه " وهي جمع فاكهة وهي تكون رطبا ويابسا يتفكهون.
بها وينتفعون بالتصرف فيها " وهم " مع ذلك " مكرمون " أي معظمون مبجلون، وضد الاكرام الإهانة وهي الانتقام وهم مع ذلك " في جنات النعيم " أي بساتين فيها أنواع النعيم التي يتنعمون بها " على سرر " وهو جمع سرير " متقابلين " يستمتع بعضهم بالنظر إلى وجوه بعض " يطاف عليهم بكأس من معين " أي بكأس من خمر جارية في أنهار ظاهرة للعيون - في قول الحسن وقتادة والضحاك والسدي - والكأس اناء فيه شراب.
وقيل: لا يسمى كأسا إلا إذا كان فيه شراب وإلا فهو اناء.
وقوله " معين " يحتمل أن يكون (فعيلا) من العين، وهو الماء الشديد الجري من أمعن في الامر إذا اشتد دخوله فيه ويحتمل أن يكون وزله (مفعولا) من عين الماء لأنه يجري ظاهرا للعين.
ثم وصف الخمر الذي في الكأس، فقال " بيضاء " ووصفها بالبياض لأنها تجري في انهار كاشرف الشراب. وهي خمر فيها اللذة والامتاع فترى بيضاء صافية في نهاية الرقة واللطافة مع النورية التي لها والشفافة، لأنها على أحسن منظر. مخبر. وقال قوم: بيضاء صفة للكأس، وهي مؤنثة. واللذة نيل المشتهى بوجود ما يكون به صاحبه ملتذا. والشراب مأخوذ من الشرب.
وقوله " لا فيها غول " معناه لا يكون في ذلك الشراب غول أي فساد يلحق العقل خفيا، يقال: اغتاله اغتيالا إذا أفسد عليه أمره، ومنه الغيلة
(٤٩٥)
مفاتيح البحث: الرزق (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 490 491 492 493 494 495 496 497 498 499 500 ... » »»
الفهرست