التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٤٩٣
إلى الغي، والغي نقيض الرشد، وأصله الخيبة من قول الشاعر:
فمن يلق خيرا يحمد الناس أمره * ومن يغو لا يعدم على الغي لائما (1) ويكون (أغوى) بمعنى خيب، ومنه قوله " رب بما أغويتني " (2) أي خيبتني.
ثم اخبر تعالى انهم في ذلك اليوم مشتركون في العذاب، ومعنى اشتراكهم اجتماعهم في العذاب الذي هو يجمعهم.
ثم اخبر تعالى فقال إن مثل فعلنا بهؤلاء نفعل بجميع المجرمين، وبين أنه إنما فعل بهم ذلك، لأنهم " كانوا إذا قيل لا إله " معبود يستحق العبادة " إلا الله يستكبرون " عن قبول ذلك، وطلبوا التكبر، وهذه لفظة ذم من حيث استكبروا عن قول الحق. وحكى ما كانوا يقولون إذا دعوا إلى عبادة الله وحده فإنهم كانوا " يقولون أإنا لتاركوا آلهتنا " ومعنى ذلك إنا نترك عبادة آلهتنا " لشاعر مجنون " يدعونا إلى خلافه، يعنون بذلك النبي صلى الله عليه وآله يرمونه بالجنون تارة وبالشعر أخرى - وهو قول الحسن وقتادة - لفرط جهلهم حتى قالوا هذا القول الفاحش الذي يفضح قائله، لان المعلوم انه صلى الله عليه وآله كان بخلاف هذا الوصف، والجنون آفة تغطي على العقل حتى يظهر التخليط في فعله، وأصله تغطية الشئ: جن عليه الليل إذا غطاه، ومنه المجن لأنه يستر صاحبه، ومنه الجنان الروح، لأنها مستورة بالبدن، ومنه الجنة لأنها تحت الشجر.
ثم اخبر تعالى تكذيبا لهم بأن قال ليس الامر على ما قالوه " بل "

(1) مر في 2 / 312 و 4 / 391 و 5 / 548 و 6 / 336 و 7 / 136، 218 و 8 / 36 (2) سورة 15 الحجر آية 39
(٤٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 488 489 490 491 492 493 494 495 496 497 498 ... » »»
الفهرست