التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٤٧٣
لهم * (فانى تبصرون) وقيل: معناه فاستبقوا الطريق إلى منازلهم فلم يهتدوا إليها. وقال ابن عباس: معناه طلبوا طريق الحق وقد عموا عنها.
والطمس على العين إذهاب الشق الذي بين الجفنتين، كما تطمس الريح الأثر يقال أعمى مطموس، وطمس أي عمي * (فاستبقوا) * معناه فابتدروا، وهذا بيان من الله أنهم في قبضته، وهو قادر على ما يريد بهم، فليحذروا تنكيله بهم. ثم قال زيادة في التحذير والارهاب * (ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم) * والمسخ قلب الصورة إلى خلقة مشوهة كما مسخ قوما قردة وخنازير، والمسخ نهاية التنكيل. وقال الحسن وقتادة: معناه لمسخناهم على مقعدهم على أرجلهم والمكانة والمكان واحد، ولو فعلنا بهم ذلك * (فما استطاعوا مضيا) * أي لما قدروا أن يذهبوا أصلا ولا أن يجيئوا ثم قال * (ومن نعمره ننكسه في الخلق) * معناه إن من طولنا عمره نصيره بعد القوة إلى الضعف وبعد زيادة الجسم إلى النقصان وبعد الجدة والطراوة إلى البلى والخلاقة. وقيل معناه: نصيره ونرده إلى حال الهرم التي تشبه حال الصبي وغروب العلم وضعف القوى ذكره قتادة.
وقوله * (أفلا تعقلون) * يعني ما ذكرناه بأن تفكروا فيه فتعرفوا صحة ما قلناه.
ثم اخبر تعالى عن نبيه صلى الله عليه وآله فقال * (وما علمناه الشعر وما ينبغي له) * ومعناه ما علمناه الشعر لأنا لو علمناه ذلك لدخلت به الشبهة على قوم في ما اتي به من القرآن وأنه قدر على ذلك لما في طبعه من الفطنة للشعر. وقيل:
لما لم يعط الله نبيه العلم بالشعر وإنشائه لم يكن قد علمه الشعر، لأنه الذي
(٤٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 468 469 470 471 472 473 474 475 476 477 478 ... » »»
الفهرست