أنتم منه توقدون (80) أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم (81) إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون (82) فسبحان الذي بيده ملكوت كل شئ وإليه ترجعون) * (83) ثمان آيات بلا خلاف.
قرأ رويس * (يقدر) * بالياء وجعله فعلا مستقبلا. وقرأ الكسائي وابن عباس * (فيكون) * نصبا عطفا على * (أن نقول.... فيكون) * الباقون بالرفع بتقدير، فهو يكون.
هذا خطاب من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله على وجه التسلية له عن تكذيب قومه إياه، فقال * (فلا يحزنك قولهم) * وضم الياء نافع، وحزن وأحزن لغتان. والحزن ألم القلب بما يرد عليه مما ينافي الطبع، ومثله الغم، وضده السرور والفرح والمعني في صرف الحزن عن النبي صلى الله عليه وآله في كفر قومه هو أن ضرر كفرهم عائد عليهم، لأنهم يعاقبون به دون غيرهم. ثم قال * (انا نعلم ما يسرون وما يعلنون) * أي ما يظهرونه وما يبطنونه فنجازي كلا منهم على قدره لا يخفى علينا شئ منها. ثم قال منبها لخلقه على الاستدلال على صحة الإعادة والنشأة الثانية، فقال * (أولم ير الانسان) * ومعناه أولم يعلم * (أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين) * ومعناه إنا نقلناه من النطفة إلى العلقة ومن العلقة إلى المضغة ومن المضغة إلى العظم ومن العظم إلى أن جعلناه خلقا سويا وجعلنا فيه الروح وأخرجناه من بطن أمه وربيناه ونقلناه من حال إلى حال إلى أن كمل عقله وصار متكلما خصيما عليما،