والمعنى واحد. قال النوري يقال: جبلا وجبلا وجبلا وجبلا. وحكى غيره التشديد.
لما حكى الله تعالى ما يقوله الكفار يوم القيامة ويواقفهم عليه من أنه عهد إليهم أن لا تعبدوا الشيطان وانه عدوهم، حكى انه كان أمرهم أيضا بأن يعبدوا الله وأن عبادته صراط مستقيم، فوضف عبادته تعالى بأنه طريق مستقيم من حيث كان طريقا مستقيما إلى الجنة. وانه لا تخليط فيه ولا تعريج. ثم قال * (ولقد أضل منكم) * يعني أضل عن الدين الشيطان منكم * (جبلا كثيرا) * أي خلقا كثيرا وإضلاله إياهم هو إغواؤه لهم، كما أضل السامري قوم موسى لما دعاهم إلى عبادة العجل، فكان الاضلال على هذا الوجه قبيحا، فأما إضلال الله تعالى للكفار عن طريق الجنة إلى طريق النار أو إضلالهم بمعنى الحكم عليهم بالضلال، فهو حسن. وأمر الشيطان بالضلال الذي يقع معه القبول إضلال كما يسمى الامر بالاهتداء الذي يقع عنده القبول هدى.
وفي الآية دلالة على بطلان مذهب المجبرة في إرادة الله اضلالهم، لان ذلك أضر عليهم من إرادة الشيطان وأشد عليهم في إيجاد العداوة قبل أن يكفروا. و (الجبل) الجمع الذين جبلوا على خليقة، وجبلوا أي طبعوا.
وأصل الجبل الطبع ومنه جبلت التراب بالماء إذا صيرته طينا يصلح أن يطبع فيه، ومنه الجبل لأنه مطبوع على الثبات * (أفلم تكونوا تعقلون) * أنه يغويكم ويصدكم عن دين الحق فتنتبهون عليه، فهو بصورة الاستفهام ومعناه الانكار عليهم والتبكيت لهم.
ثم يقول الله لهم * (هذه جهنم التي كنتم توعدون) * بها في دار التكليف حاضرة تشاهدونها * (اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون) * معناه الزموا العذاب