بين الحالين. يحتمل لو كان متصلا أن يكون ذلك عبارة عن عظم ما يشاهدونه ويحضرون فيه يوم القيامة، فكأنهم كانوا قبل ذلك في مرقد، وإن كانوا في عذاب لما كان قليلا بالإضافة إلى الحاضر. وقال قتادة: قوله * (هذا ما وعد الرحمن) * حكاية قول المؤمن. وقال ابن زيد والجبائي: هو قول الكفار، وهو أشبه بالظاهر، لأنه تعالى حكى عنهم انهم يقولون: يا ويلنا، والمؤمن لا يدعو بالويل لعلمه بماله من نعيم الجنة. وقال الفراء: هو من قول الملائكة.
وقال تعالى مخبرا عن سرعة بعثهم وسرعة اجتماعهم * (إن كانت إلا صيحة واحدة) * والمعنى ليست المدة إلا مدة صيحة واحدة * (فإذا هم جميع لدينا محضرون) * ثم حكى تعالى ما يقوله - عزل وجل - يومئذ للخلائق فإنه يقول لهم * (فاليوم لا تظلم نفس شيئا) * أي لا ينقص من له حق من حقه شيئا من ثواب أو عوض أو غير ذلك، ولا يفعل به مالا يستحقه من العقاب بل الأمور جارية على العدل * (ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون) * ومعناه لا يجازى الانسان إلا على قدر عمله، إن كان عاملا بالطاعة جوزي بالثواب. وإن كان عاصيا جوزي بالعقاب على قدر عمله من غير زيادة عليه ولا نقصان، إلا أن يتفضل الله باسقاط عقابه.
ثم قال تعالى * (إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون) * يعني يشغلهم النعيم الذي يغمرهم بسرورهم به عن غيره. وقال ابن مسعود وابن عباس:
الشغل كناية عن افتضاض الأبكار. وقيل استماع الألحان * (فاكهون) * قال ابن عباس: معناه فرحون. وقال مجاهد: عجبون، وقيل: ذو فاكهة، كما يقال لاحم شاحم أي ذو لحم وشحم، وعاسل ذو عسل، قال الحطيئة: