وإن كان مستعليا على الأشياء قبلها، كما دخلت حتى في قوله " ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرى " (1) وتقديره ثم صح معنى استوى على العرش باحداثه، وكذلك حتى يصح معنى " نعلم المجاهدين " أي معنى وصفهم بهذا وذلك لا يكون إلا بعد وجود الجهاد من جهتهم.
وقوله " مالكم من دونه من ولي ولا شفيع " نفي منه تعالى أن يكون للخلق ناصر ينصرهم من دون الله أو شفيع يشفع لهم، كما كانوا يقولون: نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى.
ثم قال " أفلا تتذكرون " في ما قلناه وتعتبرون به، فتعلموا صحة ما بيناه لكم. وقوله " يدبر الامر من السماء إلى الأرض " معناه ان الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في هذه المدة يدبر الأمور كلها، ويقدرها على حسب إرادته في ما بين السماء والأرض، وينزله مع الملك إلى الأرض " ثم يعرج إليه " يعني الملك يصعد إلى المكان الذي أمره الله تعالى أن يعرج إليه، كما قال إبراهيم:
" اني ذاهب إلى ربي " (2) أي ارض الشام التي امرني ربي. ولم يكن الله بأرض الشام، ومثله قوله تعالى " ومن بخرج من بيته مهاجرا إلى أنه ورسوله " (3) يريد إلى المدينة. ولم يكن الله في المدينة. وقوله " في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون " قال ابن عباس، والضحاك: معناه يوم كان مقداره لو ساره غير الملك ألف سنة مما يعده البشر. وقيل: معناه خمس مئة عام نزول وخمس مئة عام صعود، فذلك ألف سنة. وقال قوم: يجوز أن يكون يوم القيامة يوما له أول وليس له آخر. وقته أوقاتا يسمى بعضها الف سنة وبعضها خمسين الف