ثم خاطب تعالى نبيه صلى الله عليه وآله فقال له " قل " لهم يا محمد " سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين " أي فكروا فيمن تقدم من الأمم التي أشركت بالله أكثرهم، والمؤمنون كانوا قليلين فيهم كيف أهلكهم الله ودمر عليهم.
ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله " فأقم وجهك للدين القيم " ومعناه استقم للدين المستقيم بصاحبه إلى الجنة أي لا يعدل عنه يمينا ولا شمالا، فإنك متى فعلت ذلك أداك إلى الجنة، وهو مثل قوله " ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم " (1) مجانس فيه للبلاغة ومنه قوله " يوما تتقلب فيه القلوب والابصار " ومنه " يمحق الله الربوا ويربي الصدقات ". " من قبل أن يأتي يوم لامر دله من الله يومئذ يصدعون " أي استقيموا على الطريق المستقيم قبل يوم القيامة الذي تتفرقون فيه فرقتين، فريق في الجنة وفريق في السعير - ذكره قتادة - وقال الحسن:
الدين القيم الطاعة لله.
ثم قال " من كفر " بالله وجحد نعمه " فعليه كفره " أي فعليه جزاء كفره لا يعاقب أحد بذنب غيره، كما قال " ولا ترز وازرة وزر أخرى " (2) " ومن عمل صالحا " يعني الايمان بالله وأفعال الطاعات " فلأنفسهم يمهدون " والتمهيد والتمكين والتوطيد نظائر أي ثواب ذلك واصل إليهم وتتمهد أحوالهم الحسنة عند الله. وقوله " ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله " اخبار منه تعالى أنه الذي يجزي الذين يطيعون الله تعالى ويجتنبون معاصيه ثواب الجنة