التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ١٣٥
نفسه كذا بالامتناع منه، كالامتناع بالنهي. وقوله " من قبل " أي من قبل رده على أمه " فقالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون " معناه يضمنونه برضاعه والقيام عليه، وينصحونه في ذلك، فقيل لأخته من أين قلت: انهم ناصحون له أعرفت أهله، فقالت: إنما عنيت ناصحون للملك. والنصح اخلاص العمل من شائب الفساد، وهو نقيض الغش: نصح ينصح نصحا، فهو ناصح في عمله، وناصح في نفسه في توبته إذا أخلصها. وقوله " فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن " قيل: ان فرعون سأل أمه كيف يرتضع منك، ولم يرتضع من غيرك؟! قالت: لأني امرأة طيبة الريح طيبة اللبن لا أكاد أؤتى بصبي إلا ارتضع مني. وبين تعالى انه إنما فعل ذلك " كي تقر عينها " يعني عين أمه، فرده عليها " ولتعلم ان وعد الله حق " لابد من كونه. ثم قال " ولكن أكثرهم " أي الخلق " لا يعلمون " حقيقة ما يراد بهم. وقيل: من قوم فرعون ما علمته أم موسى، ومن لطيف تدبير الله تسخير فرعون لعدوه حتى تولى تربيته.
وقوله " ولما بلغ أشده واستوى " قال قتادة: أشده ثلاث وثلاثون سنة، واستوائه أربعون سنة. وقيل استواء قوته * (آتيناه) * يعني أعطيناه * (حكما وعلما) * قال السدى: يعني النبوة. وقال عكرمة: يعني العقل.
وقال مجاهد: الفرقان. والحكم الخبر بما تدعو إليه الحكمة. والمعنى علمناه من الحكمة ما تقتضي المصلحة، وأوحينا إليه بذلك. ثم قال: ومثل ما فعلنا به نجزي أيضا من فعل الاحسان. وفعل الطاعات والافعال الحسنة.
ثم اخبر تعالى ان موسى * (دخل المدينة) * يعني مصر، وقيل: غيرها * (على حين غفلة من أهلها) * قيل: إنه كان وقت القائلة. وقيل: لأنهم
(١٣٥)
مفاتيح البحث: الرضاع (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»
الفهرست