الذين أجرموا وارتكبوا المعاصي " ويقولون حجرا محجورا " حراما محرما. وقال قتادة، والضحاك: هو من قول الملائكة يقولون لهم: حراما محرما عليكم البشرى.
وقال مجاهد وابن جريج: هو من قول المجرمين، كما كانوا يقولون في الدنيا إذا لقوا من يخافون منه القتل، قالوا " حجرا محجورا " أي حراما محرما دماؤنا. واصل الحجر الضيق، يقال: حجر عليه يحجر حجرا إذا ضيق. والحجر الحرام لضيقه بالنهي عنه، قال المتلمس:
حنت إلى النخلة القصوى فقلت لها * حجر حرام ألا تلك الدهاريس (1) وقال آخر:
فهممت ان ألقي إليها محجرا * ولمثلها يلقى إليه المحجر (2) أي حراما. ومنه حجر القاضي عليه يحجر. وحجر فلان على أهله. ومنه حجر الكعبة، لأنه لا يدخل إليه في الطواف، وإنما يطاف من ورائه، لتضيقه بالنهي عنه وقوله " لذي حجر " (3) أي لذي عقل، لما فيه من التضييق في القبيح، والحجر الأنثى من الخيل، ومنه الحجرة، وحجر الانسان.
وقوله " وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا " قال البلخي:
معناه قدم أحكامنا بذلك. وقال مجاهد: معنى " قدمنا " عمدنا قال الراجز:
وقدم الخوارج الضلال * إلى عباد ربهم فقالوا إن دماءكم لنا حلال (4) وفي الكلام بلاغة حسنة، لان التقدير: كان قصدنا إليه قصد القادم على ما يكرهه، ما لم يكن رآه قبل فيغيره. والهباء غبار كالشعاع، لا يمكن القبض عليه