التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٣٢٦
الكفار. الباقون بالتاء، على الخطاب.
لما اخبر الله تعالى عن اهلاك الأمم الماضية جزاء على كفرهم ومعاصيهم، نبه الذين يرتابون بذلك. فقال " أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها " إذا شاهدوا آثار ما أخبرنا به، وسمعوا صحة ما ذكرناه عمن أخبرهم بصحته من الذين عرفوا أخبار الماضين. وفيها دلالة على أن العقل هو العلم، لان معنى (يعقلون بها) يعلمون بها مدلول ما يرون من العبرة. وفيها دلالة على أن القلب محل العقل والعلوم، لأنه تعالى وصفها بأنها هي التي تذهب عن إدراك الحق، فلولا أن التبيين يصح أن يحصل فيها * لما وصفها بأنها تعمى، كما لا يصح أن يصف اليد والرجل بذلك. والهاء في (انها لا تعمى) هاء عماد، وهو الاضمار على شروط التفسير، وإنما جاز أن يقول: ولكن تعمى القلوب التي في الصدور، للتأكيد لئلا يتوهم بالذهاب إلى غير معنى القلب، لأنه قد يذهب إلى أن فيه اشتراكا كقلب النخلة، فإذا قيل هكذا كان أنفى للبس بتجويز الاشتراك واما قوله (يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم) (1) فلان القول قد يكون بغير الفم. والمعنى في الآية ان الابصار وإن كانت عميا، فلا تكون في الحقيقة كذلك، إذا كان عارفا بالحق. وإنما يكون العمى عمى القلب الذي يجحد معه معرفة الله ووحدانيته.
ثم قال (ويستعجلونك) يا محمد (بالعذاب) أن ينزل عليهم، ويستبطئونه، وان الله لا يخلف ما يوعد به (وان يوما عند ربك كالف سنة مما تعدون) قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة: يوم من أيام الآخرة، يكون كألف سنة من أيام الدنيا.
وقال ابن زيد، وفى رواية أخرى عن ابن عباس: انه أراد يوما من الأيام التي خلق الله فيها السماوات والأرض. والمعنى (وان يوما عند ربك) من أيام العذاب، في

(1) سورة 3 آل عمران آية 167
(٣٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 321 322 323 324 325 326 327 328 329 330 331 ... » »»
الفهرست