ذلك عن مجاهد وعكرمة والسدي وعامر الشعبي واختاره الجبائي.
وقال آخرون: ليست منسوخة، ذهب إليه ابن زيد واختاره الطبري، وهو الصحيح، لان النسخ محتاج إلى دليل، ولا تنافي بين هذه الآية وبين آية الخمس، فيقال انها نسختها.
واختلفوا هل لاحد بعد النبي صلى الله عليه وآله ان ينفل أحدا - ذكرناه في الخلاف - فقال سعيد بن المسيب لا نفل بعد رسول الله. وبه قال عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. وعندنا وعند جماعة من الفقهاء واختاره الطبري: أن للأئمة أن يتأسوا بالنبي صلى الله عليه وآله في ذلك.
وقوله " فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم " امر من الله للمكلفين أن يتقوا معاصيه ويفعلوا طاعاته ان يصلحوا ذات بينهم.
واختلفوا في معناه، فقال قوم: هو ان النبي صلى الله عليه وآله كان ينفل الرجل من المؤمنين سلب الرجل من الكفار إذا قتله، فلما نزلت الآية أمرهم أن يرد بعضهم على بعض، ذهب إليه قتادة وابن جريج.
وقال قوم: هذا نهي من الله للقوم عن الاختلاف فيما اختلفوا فيه من أمر الغنيمة يوم بدر. ذهب إليه مجاهد وابن عباس وسفيان والسدي.
واختلفوا لم قال " ذات بينكم " فأنث، والبين مذكر؟ فقال قوم: أراد " ذات بينكم " للحال التي للبين، كما يقولون ذات العشاء يريدون الساعة التي فيها العشاء، ولم يصفوا مذكرا لمؤنث ولا مؤنثا لمذكر. قال الزجاج: أراد الحال التي يصلح بها أمر المسلمين. وقال الأخفش: جعله " ذات " لان بعض الأشياء يوضع عليه اسم المؤنث وبعضه يذكر مثل الدار والحائط أنث الدار وذكر الحائط.
وقوله " وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين " امر من الله للخلق ان يطيعوه ولا يعصوه، ويطيعوا رسوله فيما يأمرهم به إن كانوا مصدقين لرسوله فيما يأتيهم به من قبل الله، لأنهم متى لم يطيعوه ولم يقبلوا منه لم يكونوا مؤمنين.