في قلبه هو ما يغيبه عن الخلق، وإنما يعلمه الله، وسمي ما يختص الله بعلمه بأنه في نفسه على طريق الازدواج في الكلام كما قال " ومكروا ومكر الله " (1) " والله يستهزئ بهم " (2) " ويخادعون الله وهو خادعهم " (3) " وجزاء سيئة سيئة مثلها " (4) " وان عاقبتم فعاقبوا " (5) وكل ذلك وجه ازدواج الكلام، ويقوى هذا التأويل قوله " إنك أنت علام الغيوب " لأنه علل أنه إنما يعلم ما في نفس عيسى، لأنه علام الغيوب، وعيسى ليس كذلك، فلذلك لم يعلم ما يختص الله بعلمه.
والنفس في اللغة على ضروب: أحدها - نفس الانسان التي بها حياته، يقولون خرجت نفسه أي روحه وفي نفسي أن افعل أي في روعي. وثانيها أن نفس الشئ ذات الشئ يقولون: قتل فلان نفسه أي ذاته، وعلى هذا حمل قوله " ويحذركم الله نفسه " (6) أي ذاته وقيل عذابه. والنفس الهم بالشئ كما يحكى أن سائلا سأل الحسن فقال: ان لي نفسين إحداهما تقول لي حج، والاخر تزوج، فقال الحسن: النفس واحدة وإنما لك هما هم بكذا وهم بكذا والنفس الآنفة كقولهم: ليس لفلان نفس أي لا أنفة له، والنفس الإرادة يقولون نفس فلان في كذا أي ارادته قال الشاعر:
فنفساي نفس قالت ائت ابن بحدل * تجد فرجا من كل غمي تهابها ونفس تقول أجهد نجاءك ولا تكن * كخاضبة لم يغن عنها خضابها (7) والنفس أيضا العين التي تصيب الانسان يقال أصابت فلانا نفس أي عين ومنه قوله صلى الله عليه وآله في رقيا (بسم الله أرقيك والله يشفيك من كل عاهة فيك من كل عين عاين ونفس نافس وحسد حاسد) وقال عبيد الله بن قيس الرقيات: