إضافة (جزاء) إلى المثل ألا ترى انه ليس عليه جزاء مثل ما قتل في الحقيقة، وإنما عليه جزاء المقتول لا جزاء مثله، ولا جزاء عليه لمثل المقتول الذي لم يقتله. وإذا كان كذلك علمت أن الجزاء لا ينبغي أن يضاف إلى (مثل) ولا يجوز أن يكون قوله " من النعم " على هذه القراءة متعلقا بالمصدر كما جاز أن يكون الجار متعلقا به في قوله " وجزاء سيئة سيئة مثلها " (1) ب (مثلها) لأنك قد وصفت الموصول، وإذا وصفته لم يجز أن تعلق به بعد الوصف شيئا كما انك إذا عطفت عليه أو أكدته لم يجز أن تعلق به شيئا بعد العطف عليه والتأكيد له. فأما في قراءة من أضاف الجزاء إلى المثل، فان قوله " من النعم " يكون صفة للجزاء كما كان في قول من نون، ولم يضف صفة له.
ويجوز فيه وجه آخر لا يجوز في قول من نون ووصف: وهو أن يقدره متعلقا بالمصدر. ولا يجوز على هذا القول أن يكون فيه ذكر كما تضمن الذكر لما كان صفة. وإنما جاز تعلقه بالمصدر على قول من أضاف، لأنك لم تصف الموصول كما وصفته في قول من نون، فيمتنع تعلقه به.
وأما من أضاف الجزاء إلى (مثل) فإنه وإن كان جزاء المقتول لا جزاء مثله فإنهم مثل قد يقولون: أنا أكرم مثلك. يريدون أنا أكرمك، وكذلك إذا قال (فجزاء مثل) فالمراد ما قتل، فإذا كان كذلك كانت الإضافة في المعنى كغير الإضافة لان المعنى فعليه جزاء ما قتل. ولو قدرت الجزاء تقدير المصدر وأضفته إلى المثل كما تضيف المصدر إلى المفعول به لكان في قول من جر (مثلا) على الاتساع الذي وصفناه ألا ترى أن المعنى " فجزاء مثل " أي يجازى مثل ما قتل، والواجب عليه في الحقيقة جزاء المقتول لا جزاء مثل المقتول.
خاطب الله بهذه الآية المؤمنين ونهاهم عن قتل الصيد وهم حرم وقوله " وأنتم حرم " قيل فيه ثلاثة أوجه:
أحدها - وأنتم محرمون لحج أو عمرة.