اليمين إن يعقدها بقلبه ولفظه ولو عقد عليها في أحدهما دون الاخر لم يكن تعقيدا، وهو كالتعظيم الذي يكون تارة بالمضاعفة وتارة بعظم المنزلة. وقال أبو علي الفارسي من شدد احتمل أمرين:
أحدهما - أن يكون لتكثير الفعل لقوله " ولكن يؤاخذكم " مخاطبا الكثرة، فهو مثل " وغلقت الأبواب " (1).
والاخر أن يكون (عقد) مثل (ضعف) لا يراد به التكثير، كما أن (ضاعف) لا يراد به فعل من اثنين. وقال الحسين بن علي المغربي: في التشديد فائدة، وهو أنه إذا كرر اليمين على محلوف واحد فإذا حنث لم يلزمه إلا كفارة واحدة. وفي ذلك خلاف بين الفقهاء. والذي ذكره قوي.
ومن قرأ بالتخفيف جاز أن يريد به الكثير من الفعل والقليل إلا أن فعل يختص بالكثير كما أن الركبة تختص بالحال التي يكون عليها الركوب، وقالوا: عقدت الحبل والعهد واليمين عقدا ألا ترى أنها تتلقى بما يتلقى به القسم، قال الشاعر:
قوم إذا عقدوا عقدا لجارهم (2) ويقال: أعقدت العسل فهو معقد وعقيد. وحكى أبو إسحاق عقدت العسل. والأول أكثر.
فأما قراءة ابن عامر فيحتمل أمرين:
أحدهما - أن يكون عاقدتم يراد به عقدتم كما أن (عافاه الله) و (عاقبت) (اللص) و (طارقت النعل) بمنزلة فعلت. ويحتمل أن يكون أراد فاعلت الذي يقتضي فاعلين فصاعدا، كأنه قال يؤاخذكم بما عاقدتم عليه اليمين، ولما كان عاقد في المعنى قريبا من عاهد؟؟ ب (على) كما يعدى عاهد بها. قال الله تعالى " ومن أوفي بما عاهد عليه الله " (3) والتقدير يؤاخذكم بالذي عاقدتم