فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٦ - الصفحة ٢٠٦
النار لجواز أن يعفو عن بعضهم بعد الدخول وقبل استيفاء العذاب، هذا وليس محتم عندنا أن يدخل النار أحد من الأمة بل العفو عن الجميع بموجب وعده بنحو قوله * (يغفر الذنوب جميعا) [الزمر: 53] - (البزار) في مسنده (عن عمر) بن الخطاب ورواه الطبراني من حديث جابر بلفظ من شهد أن لا إلا الله خالصا من قلبه دخل الجنة ولم تمسه النار ورواه الشيخان بلفظ من شهد أن لا إله إلا الله وجبت له الجنة وذكر المصنف أنه بهذا اللفظ متواتر رواه نحو ثلاثين صحابيا.
8772 - (من شهد أن لا إله إلا الله) أداة الحصر لقصر الصفة على الموصوف قصر إفراد لأن معناه الألوهية منحصرة في الله الواحد في مقابلة من يزعم اشتراك غيره معه وليس قصر قلب لأن أحدا من الكفار لم ينفها عن الله وإنما أشرك معه غيره * (ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله) [لقمان: 25] (وأن محمدا رسول الله) صادقا من قلبه كما قيد به في أخبار أخر وزعم أن شهد بمعنى صدق بقلبه فلا يحتاج إلى تقدير غير مرضي لأنه حينئذ إما أن يكون بمعنى صدق مجردا عن الإقرار باللسان أو معه فالأول يستلزم محذورا آخر وهو أن يكون المصدق بقلبه الذي لم يقر بلسانه بلا عذر مؤمنا إذ لا يدخلها إلا مؤمن وليس كذلك والثاني يستلزم الجمع بين المعنيين المختلفين بلفظ واحد وهو ممنوع ذكره بعض الكاملين (حرم الله عليه النار) أي نار الخلود وإذا تجنب الذنوب أو تاب أو عفي عنه وظاهره يقتضي عدم دخول جميع من شهد الشهادتين النار لما فيه من التعميم لكن قامت الأدلة القطعية على أن طائفة من عصاة الموحدين يعذبون ثم يخرجون بالشفاعة فعلم أن ظاهره غير مراد فكأنه قال إن ذلك مقيد بمن عمل صالحا أو فيمن قالها تائبا ثم مات على ذلك أو أن ذلك قبل نزول الفرائض والأوامر والنواهي أو خرج مخرج الغالب إذ الغالب أن الموحد يعمل الطاعة ويجتنب المعصية وجاء في أحاديث مرت ويأتي بعضها تقييد ذلك بقوله الشهادة مخلصا قال الحكيم: والإخلاص أن تخلص إيمانك حتى لا تفسده شهوات نفسك. (تنبيه) قال محقق: قد يتخذ نحو هذا الحديث البطلة والإباحية ذريعة إلى طرح التكاليف ورفع الأحكام وإبطال الأعمال ظانين أن الشهادة كافية في الخلاص وذا يستلزم طي بساط الشريعة وإبطال الحدود وللزواجر السمعية ويوجب كون الترغيب في الطاعة والتحذير من المعصية غير متضمن طائلا وبالأصل باطلا بل يقتضي كون الانخلاع من ربقة التكليف والانسلال عن قيد الشريعة والخروج عن الضبط والولوج في الخيط وترك الناس سدى من غير مانع ولا دافع وذلك مفض إلى خراب الدنيا والأخرى قيل وفيه أن مرتكب الكبيرة لا يخلد في النار، واعترض بأن المسألة قطعية والدليل ظني. - (حم م ت عن عبادة) بن الصامت حدث به وهو في الموت وذكر أنه لو لم يصل إلى تلك الحالة لما حدث به ضنا به.
8773 - (من شهد شهادة) باطلة (يستباح بها مال امرئ مسلم أو يسفك بها دمه) ظلما (فقد
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»
الفهرست