فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٥ - الصفحة ٥٧١
المنن والسلامة من المحن فجزاء ذلك أن يتولى مولاك الدفع عن نفسك في المضار والجلب لك في المسار وهو الباب الأعظم والسبيل الأقوم يؤثر حتى مع الكفران فكيف لا يؤثر مع الإيمان. (طب عن سلمان) الفارسي قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح اه‍. وبه يعرف أن اقتصار المصنف على رمزه لحسنه تقصير أو قصور.
7913 - (ما زال جبريل يوصيني بالجار) قال العلائي: الظاهر أن المراد جار الدار لا جار الجوار لأن التوارث كان في صدر الإسلام بجوار العهد ثم نسخ (حتى) أنه لما أكثر على في المحافظة على رعاية حقه (ظننت أنه سيورثه) أي سيحكم بتوريث الجار من جاره بأن يأمرني عن الله به، قيل: بأن يجعل له مشاركة في المال بفرض سهم يعطاه مع الأقارب أو بأن ينزل منزلة من يرث بالبر والصلة، قال ابن حجر: والأول أولى لأن الثاني استمر، والخبر مشعر بأن التوريث لم يقع فمن التزم شرائع الإسلام تأكد عليه إكرام جاره لعظيم حقه، وفيه إشارة إلى ما بالغ به بعض الأئمة من إثبات الشفعة له، واسم الجوار يعم المسلم والعدل والقريب والبلدي والنافع وأضدادهم وله مراتب بعضها أعلا من بعض فأعلاها من جمع صفات الكمال ثم أكثرها وهلم جرا وعكسه من جمع ضدها كذلك فيعطى كلا حقه بحسب حاله ويرجح عند تعارض الصفات، والميراث قسمان حسي ومعنوي فالحسي هو المراد هنا والمعنوي ميراث العلم وقد يلحظ هنا أيضا فإن حق الجار على جاره تعليمه ما يحتاجه. (حم ق) في الأدب (د ت) في البر من حديث مجاهد (عن ابن عمر) بن الخطاب قال: كنا عند ابن عمر عند العتمة وغلامه يسلخ شاة فقال: ابدأ بجارنا اليهودي ثم قالها مرة فمرة فقيل له: كم تذكر اليهودي قال: سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقول فذكره (حم ق 4 عن عائشة) وفي الباب أنس وجابر وغيرهما.
7914 - (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه يورثه) وفي رواية لمسلم ليورثه باللام وفي أخرى له سيورثه، قال في العارضة: نبه بذلك على أن الحقوق إذا تأكدت بالأسباب فأعظمها حرمة الجوار وهو قرب الدار فقد أنزل بذلك منزلة الرحم وكاد يوجب له حقا في المال، وللجوار مراتب منها الملاصقة ومنها المخالطة بأن يجمعهما مسجد أو مدرسة أو سوق أو غير ذلك ويتأكد الحق مع المسلم ويبقى أصله مع الكافر (وما زال يوصيني بالمملوك حتى ظننت أنه يضرب له أجلا أو وقتا إذا بلغه عتق) أخذ من تعميم الجار في هذا الخبر وما قبله حيث لم يخص جارا دون جار أنه يجب ود أهل المدينة ومحبتهم عوامهم وخواصهم، قال المجد النووي: وكل ما احتج به من رمى عوامهم بالابتداع وترك الاتباع لا يصلح حجة فإن ذلك إذا ثبت في شخص معين لا يخرج عن حكم الجار ولو جار ولا يزول عنه شرف
(٥٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 566 567 568 569 570 571 572 573 574 575 576 ... » »»
الفهرست