قط بضمتين وأما قط بمعنى حسب فبفتح فسكون (إلا والقبر أفظع) أي أقبح وأشنع (منه) بالنصب صفة لمنظر وقال الطيبي: الواو للحال والاستثناء مفرغ أي ما رأيت منظرا وهو ذو هول وفظاعة إلا والقبر أفظع منه وعبر بالمنظر عن الموضع مبالغة فإنه إذا نفى الشئ مع لازمه ينتفي الشئ بالطريق البرهاني وإنما كان فظيعا لأنه بيت الدود والوحدة والغربة ولهذا كان يزيد الرقاشي إذا مر بقبر صرخ صراخ الثور، وعن ابن السماك أن الميت إذا عذب في قبره نادته الموتى أيها المتخلف بعد إخوانه وجيرانه أما كان لك فينا معتبر أما كان لك في تقدمنا إياك فكرة أما رأيت انقطاع أعمالنا وأنت في مهلة أما أما؟
وفي العاقبة لعبد الحق عن أبي الحجاج مرفوعا يقول القبر للميت إذا وضع: ويحك ابن آدم ما غرك بي ألم تعلم أني بيت الفتنة وبيت الدود؟ ثم فظاعته إنما هي بالنسبة للعصاة والمخلطين لا للسعداء كما يشير إليه خبر البيهقي وابن أبي الدنيا عن ابن عمر مرفوعا القبر حفرة من حفر جهنم أو روضة من رياض الجنة، وأخرج أحمد في الزهد وابن المبارك في كتاب القبور عن وهب كان عيسى عليه السلام واقفا على قبر ومعه الحواريون، فذكروا القبر ووحشته وظلمته وضيقه فقال عيسى: كنتم في أضيق منه في أرحام أمهاتكم فإذا أحب الله أن يوسع وسع، وأخرج ابن عساكر عن عبد الرحمن المعيطي قال: حضرت جنازة الأحنف فكنت فيمن نزل قبره فلما سويته رأيته فسح له مد بصري فأخبرت به أصحابي فلم يروا ما رأيت. - (ت ه) في الزهد (ك) في الجنائز من حديث عبد الله بن بجير عن هانئ مولى عثمان عثمان) بن عفان وصححه وتعقبه الذهبي بأن بجيرا ليس بعمدة لكن منهم من يقويه وهانئ روى عنه جمع ولا ذكر له في الكتب الستة.
7911 - (ما رزق عبد خيرا له ولا أوسع من الصبر) لأنه إكليل للإيمان وأوفر المؤمنين حظا من الصبر أوفرهم حظا من القرب من الرب، والصبر رزق من الله لا يستبد العبد بكسبه وما يضاف إلى كسب العبد هو التصبر فإذا حمل على نفسه التصبر أمده الله بكمال الصبر وفي الخبر من يتصبر يصبره الله فإذا رزقه الصبر كان أوسع من كل نعمة واسعة لأنه يسهل بالصبر جميع الخيرات وترك المنكرات وتحمل المكروهات المقدرات والرزق المشار إليه رزق الدين والإيمان. (ك) في التفسير (عن أبي هريرة) قال الحاكم: على شرطهما وأقره الذهبي.
7912 - (ما رفع قوم أكفهم إلى الله تعالى يسألونه شيئا إلا كان حقا على الله أن يضع في أيديهم الذي سألوا) لأنه تعالى كريم متفضل فإذا رفع عبده إليه يده سائلا مفتقرا متعرضا لفضله الذي لا يرجى إلا منه يستحي أن يرده وإن كان يأتي من العصيان بما يستحق به النيران ومن فعل الخسران ما يستوجب الحرمان وعبر عن إعطاء المسؤول بلفظ الحق إشارة إلى أن إعطاءهم مسألتهم كالواجب عليه نظرا إلى صدقه في وعده فليس الحق هنا بمعنى الواجب إذ لا يجب على شئ عند أهل الحق خلافا للمعتزلة. (تتمة) قال ابن عطاء الله: التضرع إلى الله فيه نزول الزوائد ودفع الشدائد والانطواء في أودية