فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٥ - الصفحة ٤٤
الناس من الهدى في أصل الجبلة بالتهئ لقبول الدين فلو ترك عليها استمر على لزومها ولم يفارقها لغيرها لأن هذا الدين حسنه مركوز في النفوس وإنما يعدل عنه بآفة من الآفات البشرية والتقليد والفاء في فأبواه للتعقيب أو للتسبب أي إذا تقرر ذلك فمن تغير كان بسبب أبويه انتهى. والحاصل أن الإنسان مفطور على التهئ للإسلام بالقوة لكن لا بد من تعلمه بالفعل فمن قدر الله كونه من أهل السعادة قيض الله له من يعلمه سبيل الهدى فصار مهذبا بالفعل ومن خذله وأشقاه سبب له من يغير فطرته ويثني عزمته والله سبحانه هو المتصرف في عبيده كيف يشاء * (فألهمها فجورها وتقواها) * قال الطيبي: فإن قلت أمر الغلام الذي قتله الخضر ينقض هذا البيت لأنه لم يلحق بأبويه بل خيف إلحاقهما به قلت لا ينقض بل يرفعه ويستبد بثباته لأن الخضر نظر إلى عالم الغيب وقتل الغلام وموسى اعتبر عالم الشهادة وظاهر الشرع فأنكر عليه ولذلك لما اعتذر الخضر بالخفي أمسك عنه. (ع طب هق عن الأسود بن سريع) له صحبة كان شاعر بني منقذ قضى بالبصرة قال في اللسان: وهذا له أسانيد جياد انتهى. ومن ثم رمز المصنف لصحته ورواه مسلم من حديث أبي هريرة بلفظ " كل إنسان تلده أمه على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه فإن كانا مسلمين " فمسلم كل إنسان تلده أمه يلكز الشيطان في خصيتيه إلا مريم وابنها " ورواه البخاري بلفظ " كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كمثل البهيمة تنتج البهيمة هل ترى فيها من جدعاء ".
6357 - (كل ميت) في أبي داود بالتعريف قال أبو زرعة: والصواب التنكير لاقتضاء التعريف استغراق أجزائه فيصير معناه يختم على كل جزء من أجزاء الميت وليس صحيحا فالتعريف تحريف (يختم على عمله) المراد به طي صحيفته وأن لا يكتب له بعد موته عمل (إلا الذي مات) أي الملازم في السفر للجهاد (في سبيل الله فإنه ينمو له عمله) أي يزيد (إلى يوم القيامة) قال الأبي: يعني الثواب المترتب على رباط اليوم والليلة يجري له دائما ولا يعارضه حديث " إذا مات المرء انقطع عمله إلا من ثلاث " إما لأنه لا مفهوم للعدد في الثلاث وإما بأن يرجع هذا إلى إحدى الثلاث هنا وهو صدقة جارية (ويؤمن) بضم ففتح فتشديد (من فتان القبر) أي فتانيه منكر ونكير أي لا يأتيانه ولا يختبرانه بل يكتفى بموته مرابطا شاهدا على صحة إيمانه قال عياض: رويناه للأكثر بضم الفاء وجمع فاتن وعن الطبري بالفتح وذكره أبو داود مفسرا فقال: وأمن فتان القبر وقال القرطبي: هو جمع فاتن ويكون للجنس أو يؤمن من كل ذي فتنة فيه لكن المتبادر لا يضرانه ولا يفتن بهما (تنبيه) قال القرطبي: لا معنى للنمو إلا المضاعفة وهي موقوفة على سبب فتنقطع بانقطاعه بل هي فضل دائم من الله تعالى لأن أعمال البر لا يتمكن منها إلا بالسلامة من العدو والتحرز منه ببيضة الدين وإقامة شعائر الإسلام وهذا العمل الذي يجري عليه ثوابه هو ما عمله من الأعمال الصالحة.
- (د ت [ص 35] ك) في الجهاد (عن فضالة عن عبيد حم عن عقبة بن عامر) قال الحاكم: على شرط مسلم وأقره الذهبي وقال الهيثمي بعد ما عزاه لأحمد: فيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف.
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»
الفهرست