فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٦٦٨
2462 - (إن من السرف) أي مجاوزة الحد المرضي وفي رواية من الإسراف (أن تأكل كل ما اشتهيت) لأن النفس إذا اعتادت ذلك من صاحبها شرهت ونزقت من رتبة لأخرى فلا يقدر بعد ذلك على كفها فيقع في أعلى مراتب السرف المذموم قال الحجة وأكلتان في يوم سرف وأكلة في يومين تقتير وأكلة في يوم هو المحمود وبين كونها قبيل الفجر وفيه أن السرف في المأكل والمشرب ومثلهما الملبس مذموم وكل من أسرف في ماله أسرف في دينه والله تعالى ما أعطى عبدا فوق كفايته إلا لينفق منه بقدر ضرورته ويدفع الفاضل منه للمحتاج أو يرصده له لا ليأكل منه إسرافا ويدفع ذلك في الكنيف ومن فعل ذلك فقد خالف طريق الحق الذي درج عليه الأنبياء والمرسلون والأولياء والصالحون ولولا أنه تعالى جعل الإنسان يحتاج للطعام والشراب لكان الأكل إسرافا وبدارا فإن من يلقي الطعام النفيس في بطنه كمن يلقيه في بطن الخلاء من حيث إتلافه وتنجيسه فافهم وارع حكمة الله حق الرعاية وإلا نفرت وقلما تعود (ه) من حديث بقية عن يوسف بن أبي كثير عن نوح بن ذكوان عن الحسن (عن أنس) ورواه عنه أيضا ابن أبي الدنيا في كتاب الجوع والبيهقي قال المنذري وقد صحح الحاكم إسناده لمتن غير هذا وحسنه غيره اه‍ وأقول بقية حاله معروف ويوسف أورده الذهبي في الضعفاء وقال شيخ لبقية لا يعرف ونوح قال في الميزان قال أبو حاتم ليس بشئ وابن عدي أحاديثه غير محفوظة وابن حبان منكر الحديث جدا وساق من مناكيره هذا الخبر اه‍ وعده ابن الجوزي في الموضوع لكن تعقب بأن له شواهد.
2463 - (إن من السنة) أي الطريقة الإسلامية المحمدية (أن يخرج الرجل مع ضيفه إلى باب الدار) يعني إلى المحل الذي أتاه فيه دارا كان أو خلوة أو معبدا أو غير ذلك إيناسا وإكراما له لينصرف طيب النفس وفيه أن المراد بالضيف ما يشتمل الزائر ونحوه وإن لم يقدم له ضيافة، تنبيه قال في النهاية إذا أطلقت السنة في الشرع إنما يراد بها ما أمر به المصطفى صلى الله عليه وسلم ونهى عنه وندب إليه قولا أو فعلا أو تقريرا مما لم ينطق به الكتاب وبهذا يقال في أدلة الشرع والسنة أي القرآن والحديث. قال الولي العراقي وقد يراد بالسنة المستحب سواء دل على استحبابه كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس ومنه قولهم فروض الصلاة وسننها وقد يراد به ما واظب عليه المصطفى صلى الله عليه وسلم مما ليس بواجب فهذه ثلاث اصطلاحات (ه عن أبي هريرة) قال البيهقي وفي إسناده ضعف اه‍ وذلك لأن فيه علي بن عروة الدمشقي قال في الميزان عن ابن معين ليس بشئ وعن أبي حاتم متروك وعن ابن حبان يضع الحديث وكذبه صالح جزره وغيره ثم أورد له هذا الخبر.
2464 - (إن من الفطرة) أي السنة القديمة التي اختارها الأنبياء واتفقت عليها الشرائع فكأنها أمر جبلي فطروا عليه قال الزمخشري بناء الفطرة يدل على النوع من الفطرة وفي اللام إشارة إلى أنها
(٦٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 663 664 665 666 667 668 669 670 671 672 673 ... » »»