فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٥٧١
قسمة بل بالباطل بلا تأويل صحيح واللفظ وإن كان أعم من أن يكون بقسمة أو غيرها لكن تخصيصه بالقسمة هو ما دلت عليه أخبار أخر (فلهم النار) أي نار جهنم (يوم القيامة (1) خبر إن محذوف وأدخل الفاء لأن اسمها نكرة موصوفة بالفعل وفيه ردع للولاة أن يتصرفوا في بيت المال بغير حق قال الراغب الخوض الشروع في الماء والحدور فيه ويستعار في الأمور وأكثر ما ورد فيما يذم شرعا بنحو * (ذرهم في خوضهم يلعبون) * [الانعام: 9] اه‍ وقال الزمخشري من المجاز خاضوا في الحديث وتخاوضوا فيه وهو يخوض مع الخائضين أي يبطل مع المبطلين (خ) في الخمس (عن خولة) الأنصارية زوجة حمزة ابن عبد المطلب أو غيرها وليس لها في البخاري إلا هذا الحديث ولم يخرجه مسلم.
2273 - (إن روح القدس) أي الروح المقدسة وهو جبريل عليه السلام سمي به لأنه يأتي بما فيه حياة القلب فإنه المتولي لإنزال الكتب الإلهية التي بها تحيا الأرواح الربانية والقلوب الجسمانية فهو كالمبدأ لحياة القلب كما أن الروح مبدأ لحياة الجسد وأضيف إلى القدس لأنه مجبول على الطهارة والنزاهة من العيوب وخص بذلك وإن كانت جميع الملائكة كذلك لأن روحانيته أتم وأكمل ذكره الإمام الرازي قال وإطلاق الروح عليه مجاز لأن الروح هو المتردد في مخارق الإنسان ومنافذه وجبريل عليه السلام لا كذلك فتسميته بالروح على منهج التشبيه من حيث أن الروح كما أنه سبب لحياة الإنسان فجبريل سبب لحياة القلوب بالعلوم والمعارف وقال الحرالي الروح لمحة من لمحات الله وأمر الله قيومته في كليته خلقا وملكوتا فما هو قوام الخلق كله هو الإله الحق وما هو قوام صوره من جملة الخلق هو الروح الذي هو لمحة من ذلك الأمر ولقيام عالم الملكوت وخصوصا حملة العرش بعالم الملكوت وخصوصا أمر الدين الباقي سماهم الله روحا ومن أخصهم روح القدس والقدس الطهارة العلمية الدائمة التي لا يلحقها نجس ظاهر ولا رجس باطن (نفث) بفاء ومثلثة تفل بغير ريق (في روعي) بضم الراء أي ألقى الوحي في خلدي وبالي أو في نفسي أو قلبي أو عقلي من غير أن أسمعه ولا أراه والنفث ما يلقيه الله إلى نبيه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم إلهاما كشفيا بمشاهدة عين اليقين. أما الروع بفتح فهو الفزع لا دخل له هنا (إن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها) الذي كتبه لها الملك وهي في بطن أمها فلا وجه للوله والتعب والحرص والنصب إلا عن شك في الوعد (وتستوعب رزقها) كذلك فإنه سبحانه وتعالى قسم الرزق وقدره لكل أحد بحسب إرادته لا يتقدم ولا يتأخر ولا يزيد ولا ينقص بحسب علمه القديم الأزلي ولهذا سئل حكيم عن الرزق فقال إن قسم فلا تعجل وإن لم يقسم فلا تتعب (فاتقوا الله) أي ثقوا بضمانه لكنه أمرنا تعبدا بطلبه من حله فلهذا قال (وأجملوا في الطلب) بأن تطلبوه بالطرق الجميلة المحللة بغير كد ولا حرص ولا تهافت على الحرام والشبهات (ولا يحملن

(1) فيه إشعار بأنه لا ينبغي التخوض في مال الله ورسوله والتصرف فيه بمجرد التشهي.
(٥٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 566 567 568 569 570 571 572 573 574 575 576 ... » »»