فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٥٦٣
2255 - (إن بني إسرائيل) أولاد يعقوب العبد المطيع ومعناه عبد الله فإسرا هو العبد أو الصفوة وإيل هو الله، عبري غير مشتق (لما هلكوا قصوا) أي لما هلكوا بترك العمل أخلدوا إلى القصص وعولوا عليها واكتفوا بها وفي رواية لما قصوا هلكوا أي لما اتكلوا على القول وتركوا العمل كان ذلك سبب إهلاكهم وكيفما كان ففيه تحذير شديد من علم بلا عمل (طب والضياء) المقدسي في المختارة (عن خباب) بالتشديد ابن الأرت بالمثناة ورواه بلفظ لما قصوا ضلوا ثم حسنه قال عبد الحق وليس مما يحتج به.
2256 - (إن بين يدي الساعة) أي أمامها مقدما على وقوعها (كذابين) قيل هم نقلة الأخبار الموضوعة وأهل العقائد الزائغة وغيرهم ممن ينسب نفسه إلى العلم وهو كالرجال في الجدال وإبليس في التلبيس (فاحذروهم) أي خافوا شر فتنتهم به واستعدوا وتأهبوا لكشف عوارهم وهتك أستارهم وتزييف أقوالهم وتقبيح أفعالهم ليحذرهم الناس ويبور ما جاؤوا به من الالباس والبأس وقيل أراد المسرعين للإمامة الموعودة الخاتمة لدائرة الولاية المدعين للنبوة وقيل غير ذلك والحمل على الأعم أفيد وأتم (حم م) في الفتن (عن جابر بن سمرة) عزو المصنف ذلك بجملته لمسلم غير سديد فإن قوله فاحذروهم ليس في مسلم بل جاء في رواية غيره ونوزع فيه بأنه من قول جابر لا من تتمة الحديث.
2257 - (إن بين يدي الساعة) أي أمام قيامها (لأياما) نكرها لمزيد التهويل وقرنه باللام لمزيد التأكيد (ينزل فيها الجهل) يعني به الموانع المانعة عن الاشتغال بالعلم (ويرفع فيها العلم) بموت العلماء فكلما مات عالم يرفع العلم بالنسبة إلى فقد حامله وينشأ عن ذلك الجهل بما كان ذلك العالم ينفرد به عن بقية العلماء (ويكثر فيها الهرج) بسكون الراء (والهرج) هو (القتل) (1) وفي رواية والهرج بلسان الحبشة القتل وأصله لغة الفتنة والاختلاف والاختلاط كما في الصحاح (2) قال ابن بطال وجميع

(1) ونسب التفسير لأبي موسى وأصل الهرج في اللغة العربية الاختلاط يقال هرج الناس اختلطوا واختلفوا وأخطأ من قال نسبة تفسير الهرج بالقتل للسان الحبشة وهم من بعض الرواة وإلا فهي عربية صحيحة ووجه الخطأ أنها لا تستعمل في اللغة العربية بمعنى القتل وكثيرا ما يسمون الشئ باسم ما يؤول إليه واستعمالها في القتل بطريق الحقيقة هو بلسان الحبشة.
(2) وذكر صاحب المحكم معاني أخر أي الهرج ومجموعها سعة القتل وكثرة القتل والاختلاط والفتنة في آخر الزمان وكثرة النكاح وكثرة الكذب وكثرة النوم وما يرى في النوم غير منضبط وعدم الاتقان للشئ وقال الجوهري أصل الهرج الكثرة في الشئ حتى لا ينتهي.
(٥٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 558 559 560 561 562 563 564 565 566 567 568 ... » »»