فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٥٥١
2230 - (إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تراءون) أنتم يا أهل الدنيا فيها (الكوكب الدري) بضم فكسر مشددا نسبة إلى الدر لصفاء لونه وخلوص نوره (الغابر) بموحدة من الغبور أي الباقي في الأفق وهو من الأضداد ويقال للماضي وللباقي غابر والمراد الباقي بعد انتشار الفجر وحينئذ يرى أضوأ وفي الموطأ بالهمز بدل الموحدة من الغبور وهو السقوط والذهاب يعني الذاهب الذي قد تدلى للغروب ودنا منه وانحط إلى الجانب الغربي وفي الترمذي الغارب بتقديم الراء على الموحدة وفي التمثيل به دون بقية الكواكب المسامتة للرس وهي أعلى (فائدتان) إحداهما بعده عن العيون والثانية أن الجنة درجات بعضها أعلى من بعض، وإن لم تسامت العليا السفلى كالبساتين الممتدة من رأس الجبل إلى ذيله ذكره ابن القيم وبه يعرف أن ما زعمه التوربشتي من أن رواية الهمز تصحيف لما فيها من الركاكة لأن الساقط في الأفق لا يراه إلا بعض الناس وما الجنة يراه جميع أهلها غفلة عن هذا التوجيه الوجيه ومما يصرح برده خبر أحمد إن أهل الجنة ليتراءون في الجنة كما تراءون أو ترون الكوكب الدري الغارب في الأفق الطالع في الدرجات فقوله الطالع صفة للكوكب وصفه بكونه غاربا وبكونه طالعا وقد صرح في هذا خبر ابن المبارك عن أبي هريرة: إن أهل الجنة ليتراءون في الغرف كما يرى الكوكب الشرقي والكوكب الغربي في الأفق في تفاضل الدرجات (في) رواية لمسلم من (الأفق) متعلق بمحذوف أي قريبه أو هو بيان للمحل الذي يقر فيه الكوكب والأفق بضمتين أو بضم فسكون كعسر وعسر كما في الصحاح وغيره فمن اقتصر على الأول كالمصباح لم يصب الناحية من السماء أو الأرض والأول هو المراد هنا (من المشرق والمغرب) شبه رؤية الرائي في الجنة صاحب الغرفة برؤية الرائي الكوكب المضئ في جانب الشرق والغرب في الإضاءة مع البعد (لتفاضل ما بينهم) يعني يرى أهل الغرف كذلك لتزايد درجاتهم على من عداهم وإنما قال من المشرق أو المغرب ولم يقل في السماء أي في كبدها لأنه لو قيل في السماء كان القصد الأولى بيان الرفعة ويلزم منه البعد وفي ذكر المشرق والمغرب القصد الأول منه البعد ويلزم منه الرفعة وفيه سمت من معنى التقصير بخلاف الأول فإن فيه نوع اعتذار. ذكره الطيبي (حم ق) في صفة الجنة (عن أبي سعيد) الخدري (ت ه عن أبي هريرة) وحسنه وقضية صنيع المؤلف أن ما أورده هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته في صحيح البخاري قالوا يا رسول الله تلم منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم قال بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين انتهى بنصه.
2231 - (إن أهل الدرجات العلا ليراهم من هو أسفل منهم) منزلة (كما ترون الكوكب الطالع في أفق السماء) أي طرفها (وإن أبا بكر) الصديق (وعمر) الفاروق (منهم وأنعما) أي زادا في الرتبة
(٥٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 546 547 548 549 550 551 552 553 554 555 556 ... » »»