فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٥٤٩
قال عيسى عليه السلام مثل الذي يتعلم ولا يعمل كمثل امرأة زنت في السر فحملت فظهر حملها فافتضحت فكذلك من لا يعمل بعلمه يفضحه الله يوم القيامة على رؤوس الأشهاد. وروي أن رجلا كان يخدم موسى عليه السلام وكان يعظه فلم يتعظ فدعا عليه فخرج ففقده فلم يجد له أثر حتى جاء رجل وبيده خنزير بحبل في عنقه فقال أتعرف فلانا؟ هو ذا، فسأل موسى عليه الصلاة والسلام ربه أن يرده لحاله فيسأله فأوحى الله إليه لو دعوتني بما دعاني آدم فمن دونه ما أجبتك فيه لكن أخبرك أنه كان يطلب الدنيا بالدنيا، قال العارف البسطامي عملت في المجاهدة ثلاثين سنة فما وجدت شيئا أشد علي من العلم وخطره قال الغزالي رحمه الله وإياك أن يزين لك الشيطان فيقول إذا كان ورود هذا الخطر العظيم في العلم فتركه أولى فلا تظنن ذلك فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال اطلعت ليلة المعراج على النار فرأيت أكثر أهلها الفقراء قالوا من المال؟ قال لا من العلم، فمن لم يتعلم العلم لا يمكنه إحكام العبادة والقيام بحقوقها ولو أن رجلا عبد الله بعبادة ملائكة السماء بغير علم كان من الخاسرين فتشمر في طلب العلم والتلقين والتدريس واجتنب الكسل والملال وإلا فأنت في خطر الضلال (طب عن الوليد بن عقبة) بضم المهملة وسكون القاف وهو ابن أبي معيط الأموي أخو عثمان لأمه من الطلقاء استعمله النبي صلى الله عليه وسلم على صدقات بني المصطلق وولى الكوفة ولما قتل أخوه اعتزل الفتنة بالرقة قال الهيثمي وفيه أبو بكر بن حكيم الداهري ضعيف جدا انتهى وسبقه الذهبي فقال الداهري متهم.
2227 - (إن أنواع البر نصف العبادة والنصف الآخر الدعاء) أي الصلاة فهي أعظم أنواع البر بحيث بلغت لعظمتها أنه لو وضع ثوابها في كفة ووضع ثواب جميع أنواع العبادات في كفة لعادلتها وحدها واحتمال إجرائه على ظاهره من إرادة حقيقة الدعاء يحتاج إلى تعسف في التوجيه (1) (ابن صصري في أماليه) الحديثية (عن أنس) بن مالك.
2228 - (إن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون) أي يتنعمون فيه بالأكل وغيره تنعما لا آخر له على هيئة نعيم الدنيا لكن لا نسبة بينهما في اللذة والنفاسة (و) لكن (لا يتفلون) بكسر الفاء وضمها يبصقون (ولا يبولون ولا يتغوطون) كما لأهل الدنيا (ولا يتمخطون) أي لا يكون لهم مخاط (ولكن طعامهم ذلك) أي رجيع طعامهم الذي يطعمونه (جثاء) كغراب صوت مع ريح يخرج من الفم عند

(1) وحمله العزيزي على ظاهره فإنه قال فلو وضع ثوابه في كفة ووضع ثواب جميع العبادات في كفة لعادلها وهذا خرج على منهج المبالغة في مدحه والحث عليه.
(٥٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 544 545 546 547 548 549 550 551 552 553 554 ... » »»