الشبع (ورشح كرشح المسك) وعرق يخرج من أبدانهم رائحته كرائحة المسك في الذكاء يعني أن العرق الذي يترشح منهم ريحه كالمسك وهو قائم مقام التغوط والبول من غيرهم لما كانت أغذية الجنة في غاية اللطافة والاعتدال لا عجم لها ولا ثقل لم تكن لها فضلة تستقذر بل تستطاب وتستلذ فعبر عنها بالمسك الذي هو أطيب طيب الدنيا. قال السمهودي وهذه الصفات لا تختص بالزمرة الأولى التي اقتصر عليها في إحدى روايات الصحيح قال ونعيم أهل الجنة ولباسهم وطعامهم ليس عن دفع ألم يعتريهم فليس أكلهم عن جوع ولا شربهم عن ظمأ ولا تطيبهم عن نتن وإنما هي لذات متوالية ونعم متتابعة وحكمته أنه تعالى نعمهم في الجنة بنوع ما كانوا يتنعمون به في الدنيا وزادهم عليه ما لم يعلمه إلا هو (يلهمون التسبيح والتحميد) أي يوفقون لهما والإلهام إلقاء شئ في النفوس يبعث على فعل أو ترك (كما تلهمون) بمثناة فوقية مضمومة بضبط المصنف أي تسبيحهم وتحميدهم يجري مع الأنفاس كما تلهمون أنتم (النفس) بفتح الفاء بضبط المصنف وفي نسخة التنفس بزيادة تاء قبل النون وهي من زوائد النساخ إذ لا وجود لها في خط المصنف يعني يعني لا يتعبون من التسبيح والتهليل كما لا تتعبون أنتم من التنفس ولا يشغلهم شئ عن ذلك كالملائكة أو أراد أنها تصير صفة لازمة لا ينفكون عنها كالتنفس اللازم للحيوان وسر ذلك أن قلوبهم قد تنورت بمعرفته وأبصارهم تنعمت برؤيته وغمرتهم سوابغ نعمته فامتلأت قلوبهم بمحبته وألسنتهم ملازمة لذكره رهينة لشكره ومن أحب شيئا أكثر من ذكره (حم م د عن جابر) قال جاء رجل من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال تزعم أن أهل الجنة يأكلون ويشربون قال نعم قال إن الذي يشرب يكون له الحاجة الجنة مطهرة فذكره.
2229 - (إن أهل الجنة يتراءون) بفتح التحتية والفوقية فهمزة مفتوحة فتحتية مضمومة بوزن يتفاعلون (أهل الغرف) أي ينظرون أهل الغرف جمع غرفة وهو بيت صغير فوق الدار والمراد هنا القصور العالية في الجنة (كما يتراءون) بفتح التحتية والفوقية والهمزة بعدها تحتية (1) وفي رواية للبخاري تتراءون بفوقيتين بغير تحتية بعد الهمزة (الكواكب في السماء) يريد أنهم يضيئون لأهل الجنة إضاءة الكواكب لأهل الأرض قال الزمخشري والترائي تفاعل من الرؤية وهي على وجوه يقال تراءى القوم إذا رأى بعضهم بعضا وتراءى لي الشئ ظهر لي حتى رأيته وتراءى القوم الهلال إذا رأوه بأجمعهم (حم ق عن سهل بن سعد) الساعدي.