فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٤٨١
[الأنفال: 42] أو يخلق الدواعي والصوارف نحو * (كذلك زينا لكل أمة عملهم) * [الانعام: 108] * (ونقلب أفئدتهم) * [الانعام: 110] (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) أي طاعتك وعبر بالتثنية دون الجمع إشارة إلى أن الأصبعين هما ظهور القدرة الربانية بمظهري الخير والشر في قلب العبد لا أن لله جارحة تعالى عن ذلك وعبر بالأصبعين دون اليدين لأن أسرع التقليب ما قلبته الأصابع لصغر حجمها فحركتها أسرع من حركة اليد وغيرها فلما كان تقليب الله قلوب عباده أسرع شئ خاطب المصطفى صلى الله عليه وسلم العرب بما تعقل قال الكمال ابن أبي شريف وقوله كيف يشاء نصب على المفعول المطلق من قوله يقلبها والتقدير تقليبا يريده وهذا من أحاديث الصفات، وللناس في تلقيتها مذهبان أحدهما أن الإيمان بها وجب كالإيمان بمتشابه القرآن والبحث فيها بدعة وعليه أكثر السلف الثاني أن البحث عنها واجب وتأويلها بنحو ما تقرر متعين فرارا من التعطيل، وإمام هذه الطائفة المرتضى والحبر ومن على قدمهما من فقهاء الصدر الأول لأن الله سبحانه لم ينزل من المتشابه ما أنزل إلا ليعلم ورسوله لم يقل ما قال إلا ليفهم وبمعرفة المتشابه يتميز الفاضل من المفضول والعالم من المتعلم والحكيم من المتعجرف ومن آمن بالأخبار على ما جاءت به حيث ألبس عليه كنه معرفتها لا تجب عليه أن يردها رد منكر لها بل يؤمن ويسلم ويكلها إلى الله ورد متشابه التنزيل والسنة طريق هين يستوي فيه العالم والجاهل والسفيه والعاقل وإنما يظهر الفضل بالبحث واستخراج الحكمة والحمل على ما يوافق الأصول والعقول (حم ت ك عن أنس) بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك فقلت يا رسول الله آمنا بذلك وبما جئت به فهل تخاف علينا فقال: نعم فذكره قال الصدر المناوي رجاله رجال مسلم في الصحيح.
2087 - (إن الكافر ليسحب لسانه) أي يجره وخص لتلفظه بكلمة الكفر (يوم القيامة وراءه الفرسخ والفرسخين يتوطؤه الناس) أي أهل الموقف فيكون ذلك من العذاب قبل دخوله دار العقاب، والقصد بهذا الخبر بيان عظم جثة الكافر في الموقف وأن له من العذاب ألوانا، والسحب الجر على الأرض يقال سحبته على الأرض سحبا من باب نفع جررته فانسحب وسمي السحاب سحابا لانسحابه في الهواء، والفرسخ ثلاثة أميال هاشمية وهو فارسي معرب والوطء الدوس بالرجل يقال وطئته برجلي أطأه وطأ إذا علوته ووطئ زوجته جامعها لأنه استعلاء. قال الزمخشري: ومن المجاز وطئه العدو وطأة منكرة وفلان وطئ الخلق (حم ت) في صفة جهنم (عن ابن عمر) ابن الخطاب وقال الترمذي غريب قال في المنار: ولم يبين لم لا يصح وذلك لأنه من رواية الفضل بن يزيد وهو ثقة عن أبي المخارق عن ابن عمر وأبو المخارق هو معن العبدي وهو ضعيف انتهى، وقال العراقي سنده ضعيف إذ أبو المخارق لا يعرف وقال ابن حجر في الفتح سنده ضعيف.
2088 - (إن الكافر ليعظم) أي لتكبر جثته في الآخرة (حتى إن ضرسه لأعظم من أحد) أي حتى
(٤٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 476 477 478 479 480 481 482 483 484 485 486 ... » »»