فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٤٨٢
يصير ضرسه أكبر من جبل أحد (وفضيلة جسده) أي زيادته وعظمه (على ضرسه كفضيلة جسد أحدكم على ضرسه) (1) فإذا كان ضرسه مثل جبل أحد فجثته مثله سبعين مرة أو أكثر وقد استبعد هذا الخبر وما قبله قوم من الذين اتبعوا أهواءهم بغير علم ولا هدى إعجابا برأيهم وتحكما على السنة بعقول ضعيفة وأفهام سخيفة وما دروا أن الله سبحانه وتعالى لم يبن أمور الدنيا على عقول البشر بل أمر ونهى بحكمته ووعد وواعد بمشيئته ولو كان كل ما لا تدركه العقول غير مقبول لاستحالت أكثر واجبات الشرائع، ألا ترى أنه تعالى أوجب غسل جميع البدن من المني وهو طاهر، وأوجب غسل الأعضاء الأربعة من الغائط فقط وهو نجس منتن وأوجب بخروج يسير ما أوجب بخروج ريح يسير فبأي عقل يساوي ما لا عين له ما له عين قائمة بمحل واحد وأوجب قطع يد السارق في ربع دينار وقطعه في مائة ألف قنطار والقطع فيهما سواء وأوجب للأم الثلث فإذا كان للولد أخوة فالسدس من غير أن يرث الإخوة من ذلك شيئا فبأي عقل يدرك هذا إلا تسليما للشارع؟ وهذا باب واسع يطول تتبعه وإذا كان هذا في أمور الدنيا فما بالك بأمر الآخرة التي ليس معها شئ على نمط ما في الدنيا ولا يشبهه إلا في مجرد الاسم (ه عن أبي سعيد) الخدري.
2089 - (إن) المرأة (التي تورث المال غير أهله عليها نصف عذاب) هذه (الأمة) يعني أن المرأة إذا زنت وأتت بولد ونسبته إلى حليلها ليلحق به ويثبت بينهما التوارث وغيره من الأحكام عليها عذاب عظيم لا يقدر قدره ولا يكتنه كنهه وليس المراد أن عليها نصف عذاب هذه الأمة حقيقة بالتحديد بل المراد مزيد الزجر والتهويل ووصف عظيم عذابها وإلا فمعلوم أن إثم من قتل مائة مسلم ظلما أشد عذابا منها ومن دل الكفار على عقورات المسلمين فاستأصلوهم بالقتل والسبي والزنى بالنساء عالما بأن ذلك كله سيكون من دلالته كابن العلقمي وزير الخليفة المعتصم الذي أغرى التتار عليه وعلى أهل الإسلام حتى كان منهم ما كان في بغداد وما والاها أعظم عذابا منها (هب عن ثوبان) مولى النبي صلى الله عليه وسلم.
2090 - (إن الذي أنزل الداء) وهو الله تعالى (أنزل الشفاء) أي أنزل ما يحصل به الشفاء من الأدوية أو أنزل ما يستشفى به ومنه وما من شئ إلا وله ضد وشفاء الضد بضده وإنما يتعذر استعماله بالجهل بعينه أو يفقده أو قيام موانع أخر كذا المرض والدواء ما يتداوى به كما مر والشفاء البرء من العلة (ك عن أبي هريرة) وصححه.

(1) أي نسبة زيادة جسد الكافر على ضرسه كنسبة زيادة جسد أحدكم على ضرسه وأمر الاخر وراء طور العقول فنؤمن بذلك ولا نبحث عنه.
(٤٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 477 478 479 480 481 482 483 484 485 486 487 ... » »»