فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٤٣٢
انطماس بصيرتك ومما عزاه الطوسي رحمه الله وغيره لعلي كرم الله وجهه ورضي عنه وأرضاه:
حقيق بالتواضع من يموت * ويكفي المرء من دنياه قوت صنيع مليكنا حسن جميل * وما أرزاقه عنا تفوت فيا هذا سترحل عن قليل * إلى قوم كلامهم السكوت وهذا الخبر لا تعارض بينه وبين خبر استنزلوا الرزق بالصدقة لأن ما هنا في المتحتم في العلم الأزلي وذلك بالنظر لما في صحف الملائكة أو اللوح (طب عد عن أبي الدرداء) وكذا البيهقي في الشعب والدارقطني في العلل وأبو الشيخ في الثواب والعسكري والبزار رجاله ثقات وقال الدارقطني والبيهقي وقفه أصح من رفعه وقال ابن عدي هو بهذا الإسناد باطل.
1999 - (إن الرزق لا تنقصه المعصية ولا تزيده الحسنة) بالنسبة لما في العلم القديم الأزلي كما سبق تقريره موضحا وعدم تنقيص الرزق بالمعصية أمر مستفيض بين الملتين وغيرهم. حكي أن كسرى غضب على بعض مرازبته فاستؤمر في قطع عطائه فقال يحط من مرتبته ولا ينقص من صلته فإن الملوك تؤدب بالهجران ولا تعاقب بالحرمان (وترك الدعاء) أي الطلب من الله (معصية) لما في خبر آخر إن من لم يدع الله يغضب عليه. ولذا قيل:
الله يغضب إن تركت سؤاله * * وبني آدم حين يسأل يغضب والمراد أنه يقرب من المعصية لكراهته (طص عن أبي سعيد) الخدري قال الهيثمي وفيه عطية العوفي وهو ضعيف قال السخاوي سنده ضعيف.
2000 - (إن الرسالة والنبوة) وفيه أنهما متغايران (قد انقطعت) أي كل منهما (فلا رسول بعدي) يبعث إلى الناس بشرع جديد فخرج عيسى عليه السلام (ولا نبي) يوحى إليه ليعمل لنفسه قال أنس راوي الحديث لما قال ذلك شق على المسلمين فقال (ولكن) الذي لا ينقطع هو (المبشرات) بكسر المعجمة فقالوا يا رسول الله وما المبشرات؟ قال (رؤيا الرجل) يعني الإنسان رجلا أو غيره (المسلم في منامه) وفي رواية بدل المسلم الصالح (وهي جزء من أجزاء النبوة) أي خصلة من خصال الأنبياء التي بها يعلمون الوحي ومر أنها جزء من ستة وأربعين جزءا وأقل وأكثر وجمع باختلاف قرب الأشخاص من أخلاق الحضرة النبوية وهذه قاعدة لا يحتاج في إثباتها إلى شئ لانعقاد الإجماع عليها ولا التفات إلى ما زعمه بعض فرق الضلال من أن النبوة باقية إلى يوم القيامة وبنوا ذلك على قاعدة الأوائل أن النبوة
(٤٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 427 428 429 430 431 432 433 434 435 436 437 ... » »»