فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٣٨٢
قرره بذنوبه) أي جعله مقرا بها كلها بأن أظهر له ذنوبه وألجأه إلى الإقرار بها (ورأي في نفسه) أي علم الله في ذاته (أنه) أي المؤمن (قد هلك) باستحقاقه العذاب لاقراره بذنوب لا يجد لها مدفعا ولا عنها جوابا منجعا ويجوز كون الضمير في رأي للمؤمن والواو فيه للحال ذكره القاضي (قال) أي الله (فإني) أي فإذ قد أقررت وخفتني إني (قد سترتها) أي الذنوب (عليك في الدنيا) هذا استئناف جواب عمن قال ماذا قال الله (وأنا أغفرها لك اليوم) قدم أنا ليفيد الاختصاص إذ الذنوب لا يغفرها غيره ولم يقل أنا سترتها عليك لأن الستر في الدنيا كان باكتساب من العبد أيضا، قال الغزالي رحمه الله تعالى وهذا إنما يرجى لعبد مؤمن ستر على الناس عيوبهم واحتمل في حق نفسه تقصيرهم ولم يذكرهم في غيبتهم بما يكرهون فهو جدير بأن يجازى بذلك (ثم يعطى) بالبناء للمجهول أي يعطي الله المؤمن إظهارا لكرامته وإعلاما بنجاته وإدخالا لكمال السرور عليه وتحقيقا لقوله تعالى * (فأما من أوتي كتابه بيمينه) * [الانشقاق: 7] (كتاب حسناته بيمينه) أي بيده اليمنى (وأما الكافر) بالإفراد (والمنافق) بالإفراد وفي رواية للبخاري والمنافقون بالجمع (فيقول الأشهاد) جمع شهيد جمع شاهد أي الحاضرون يوم القيامة الأنبياء والملائكة والمؤمنون أو المراد أهل المحشر لأنه يشهد بعضهم على بعض (هؤلاء) إشارة إلى الكافرين والمنافقين (الذين كذبوا على ربهم، ألا لعنة الله على الظالمين) وفيه رد على المعتزلة المانعين مغفرة ذنوب غير الكفار وعلى الخوارج حيث كفروا بالمعاصي والمراد بالذنوب هنا الحقوق المتعلقة بالخلق بدليل ما روي إذا خلص المؤمنون من النار احتبسوا بقنطرة بين الجنة والنار يتقاضون مظالم كانت عليهم في الدنيا حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة، وأل في المؤمن عهدية لا جنسية والمعهود من لم يتجاهر في الدنيا بالمعاصي بل استتر بستر الله وإلا فلا بد من دخول جماعة من عصاة المؤمنين النار (حم ق) البخاري في المظالم في التوبة (ن) في التفسير (ه) في السنة كلهم (عن ابن عمر) بن الخطاب.
1908 - (إن الله يرضى لكم ثلاثا) من الخصال (ويكره لكم ثلاثا) يعني يأمركم بثلاث وينهاكم عن ثلاث إذ الرضى بالشئ يستلزم الأمر والأمر بالشئ يستلزم الرضى به فيكون كناية وكذا الكلام في الكراهة، وأتى باللام في الموضعين ولم يقل يرضى عنكم ويكره منكم رمز إلى أن فائدة كل من الأمرين عائدة لعباده فالأولى ما أشار إليها بقوله (فيرضى لكم) الفاء فيه تفسيرية (أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا) في عبادته فهذه واحدة خلافا لقول النووي ثنتان (و) الثانية (أن تعتصموا بحبل الله جميعا) أي القرآن، يرشدك إلى ذلك خبر القرآن حبل الله المتين والحديث يفسر بعضه بعضا فمن فسره بعهد الله أو اتباع كتابه كأنه غفل عن ذلك ولا عطر بعد عروس والاعتصام به التمسك بآياته والمحافظة على العمل بها (ولا تفرقوا) بحذف إحدى التاءين وهذا نفي عطف على تعتصموا أي لا
(٣٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 ... » »»