فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٣٧٤
1887 - (إن الله يحب عبده المؤمن الفقير المتعفف) أي المبالغ في العفة عن السؤال مع وجود الحاجة لطموح بصر بصيرته عن الخلق إلى الخالق وتوجهه إلى سؤال الرزق من الرزاق وإنما يسأل إن سأل على جهة العرض والتلويح الخفي كما كان أبو هريرة رضي الله عنه يستقرئ غيره الآية ليضيفه وهو أعرف بها ممن يستقرئه فلا يفهم مراده إلا المصطفى صلى الله عليه وسلم فالتعبير بالتعفف يفيد الاجتهاد في العفة والمبالغة فيها (أبا العيال) يعني كافلهم أبا كان أو جدا أو نحو أخ أو ابن عم أو أم أو جدة لكنه لما كان القائم على العيال يكون أبا غالبا خصه وفي ضمنه إشعار بأنه يندب للفقير ندبا مؤكدا أن يظهر التعفف والتجمل ولا يظهر الشكوى والفقر بل يستره قال تعالى * (يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف) * [البقرة: 273] وقال سفيان أفضل الأعمال التجمل عند المحنة وقال بعضهم ستر الفقر من كنوز البر قال الغزالي رحمه الله تعالى ومن آداب الفقير أن لا يتواضع لغني لغناه بل يتكبر عليه، قال علي كرم الله وجهه تواضع الغني للفقير رغبة في الثواب حسن وأحسن منه تيه الفقير على الغني ثقة بالله (ه) في الزهد (عن عمران بن حصين) قال الحافظ العراقي سنده ضعيف انتهى وذلك لأن فيه حماد بن عيسى قال الذهبي ضعفوه وموسى بن عبيد قال في الكشاف ضعفوه وفي الضعفاء عن أحمد لا تحل الرواية عنه قال السخاوي لكن له شواهد.
1888 - (إن الله تعالى يحب كل قلب حزين) أي لين كثير العطف والرحمة أي منكسر من خشية الله تعالى ومهتم بأمر دينه خائف من تقصيره بأن يفعل معه من الإكرام فعل المحب مع حبيبه والله تعالى ينظر إلى قلوب العباد فيحب كل قلب تخلق بأخلاق المعرفة كالخوف والرجاء والحزن والمحبة والحياء والرقة والصفاء فلذلك يحب القلب ذا رأي فيه الحزن على التقصير والفرح بالطاعة وقيل توضأ داود عليه السلام فقال رب طهرت بدني بالماء فبم أطهر قلبي فأوحى الله إليه طهره بالهموم والأحزان وقيل عمارة القلب بالأحزان والقلب الذي لا حزن فيه كالبيت الخرب فليس مراد المصطفى صلى الله عليه وسلم القلب الحزين على الدنيا فذلك يبغضه الله تعالى ففي خبر من أصبح حزينا على الدنيا أصبح ساخطا على ربه قال والحزين هنا ضد القاسي قال حجة الإسلام قال ابن مذعور رأيت الأوزاعي في النوم فقلت له دلني على عمل أتقرب به إلى الله تعالى قال ما رأيت هناك درجة أرفع من درجة العلماء ثم المحزونين (طب ك) في الرقائق من حديث أبي بكر بن أبي مريم عن ضمرة (عن أبي الدرداء) قال الحاكم صحيح ورده الذهبي بأنه مع ضعف أبي بكر منقطع انتهى وقال الهيثمي إسناد الطبراني حسن.
1889 - (إن الله تعالى يحب معالي الأمور وأشرافها) وهي الأخلاق الشرعية والخصال الدينية لا
(٣٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 379 ... » »»