فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٣٧٦
1892 - (إن الله يحب أن يحمد) بالبناء للمفعول أي يحب من عبده أن يثنى عليه بجميع صفاته الجميلة الجليلة من ملكه واستحقاقه لجميع الحمد من الخلق، فأخبر أنه تعالى يحب المحامد وفي رواية إن الله تعالى يحب أن يمدح وفي أخرى لا شئ أحب إليه المدح من الله ولذلك مدح نفسه، واستنبط منه عبد اللطيف البغدادي جواز قول مدحت الله وتعقبه الزركشي بأنه غير صريح لاحتمال كون المراد إن الله يحب أن يمدح غيره ترغيبا للعبد في الازدياد مما يقتضي المدح لا أن المراد يحب أن يمدحه غيره، قال بعضهم وما اعترض به على عدم الصراحة بإيداء الاحتمال المذكور ليس من قبل نفسه بل ذكره البهاء السبكي في شرح التلخيص (طب عن الأسود بن سريع) بفتح السين ابن حمير عبادة التميمي السعدي أول من قص بجامع البصرة فكان شاعرا بليغا مفوها مات في أيام الجمع وقيل سنة اثنين وأربعين.
1893 - (إن الله يحب الفضل) بضاد معجمة أي الزيادة (في كل شئ) من الخير (حتى في الصلاة) فإكثار العبد إياها محبوب عند الله إذ هي خير موضوع كما سيجئ في حديث وفي نسخ الفصل بصاد مهملة وعليه فالمعنى يحب الفصل بين الكلمات حتى في الصلاة بأن يقف إذا قرأ الفاتحة على رؤوس الآي كما كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يفعل ويفصل الاعتدال عن الركوع والسجود عن الاعتدال وهكذا وقد ندبوا في الصلاة تسع سكتات (ابن عساكر) في التاريخ (عن ابن عمرو) بن العاصي.
1894 - (إن الله يحب أن تؤتى رخصه) جمع رخصة وهي تسهيل الحكم على المكلف لعذر حصل وقيل غير ذلك لما فيه من دفع التكبر والترفع من استباحة ما أباحته الشريعة، ومن أنف ما أباحه الشرع وترفع عنه فسد دينه فأمر بفعل الرخصة ليدفع عن نفسه تكبرها، ويقتل بذلك كبرها ويقهر النفس الأمارة بالسوء على قبول ما جاء به الشرع ومفهوم محبته لإتيان الرخص أنه يكره تركه فأكد قبول رخصته تأكيدا يكاد يلحق بالوجوب بقوله (كما يكره أن تؤتى معصيته) وقال الغزالي رحمه الله هذا قاله تطييبا لقلوب الضعفاء حتى لا ينتهي بهم الضعف إلى اليأس والقنوط فيتركوا الميسور من الخير عليهم لعجزهم عن منتهى الدرجات فما أرسل إلا رحمة للعالمين كلهم على اختلاف درجاتهم وأصنافهم اه‍.
قال ابن حجر رحمه الله وفيه دلالة على أن القصر للمسافر أفضل من الإتمام (1) (حم حب هب) وكذا أبو

(1) والرخص عند الشافعية أقسام: ما يجب فعلها كأكل الميتة للمضطر والفطر لمن خاف الهلاك بعطش أو جوع وما يندب كالقصر في السفر وما يباح كالسلم وما الأولى تركه كالجمع والتيمم لقادر وجد الماء بأكثر من ثمن مثله وما يكره فعله كالقصر في أقل من ثلاث فالحديث منزل على الأولين.
(٣٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 ... » »»