فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٢٤٨
وموضع المحبة القلب والأب خروج مائه من وراء الظهر. قال الإمام المرغيناني وإنما نسب الولد إلى الأب مع أنه خلق من مائهما لأن ماء الأم يخلق منه الحسن والجمال والسمن والهزال وهذه الأشياء لا تدوم بل تزول وماء الرجل منه العظم والعصب والعروق ونحوها وهي لا تزول في عمره فلذلك نسب إليه دونها وقال الحكيم إنما صيرنا الحكم للأب لأن أصل الجسد من مائه لأن العظم والعصب والعروق منه ومن الأم اللحم والدم والشعر والجلد ونحوها والعظم نحوه إذا ذهب ذهب الجسد واللحم كسوة قال تعالى * (فكسونا العظام لحما) * [المؤمنون: 14] فلذلك العصوبة والولاية له دونها (حم ت د) كلهم (عن معاوية بن حيدة) بفتح المهملة وسكون التحتية وفتح المهملة بن معاوية القشيري جد بهز بن حكيم قال الترمذي حسن صحيح (ه عن أبي هريرة) قال قلت يا رسول الله من أحق الناس بحسن الصحبة فذكره وهو في مسلم من حديث أبي هريرة بلفظ أمك ثم أمك ثم أباك ثم أدناك أدناك.
1651 - (أملك يدك) أي اجعلها مملوكة لك فيما عليك وباله وتبعته واقبضها عما يضرك وابسطها فيما لا ينفعك، قال الطيبي هذا وما بعده من أسلوب الحكيم سأله رجل عن حقيقة النجاة فأجابه عن سببه لأنه أهم بحاله وأخرجه على سبيل الأمر المقتضي للوجوب زيادة في التقرير والتقريع (تخ عن أسود) ضد أبيض (بن أصرم) المحاربي عداده في أهل الشام وروايته فيهم ورواه عنه أيضا الطبراني قال الهيثمي وإسناده حسن.
1652 - (أملك عليك) يا من سألت منا النجاة (لسانك) بأن لا تحركه في معصية بل ولا في فيما لا يعنيك فإن أعظم ما تطلب استقامته بهذا القلب اللسان فإنه الترجمان وقد سبق أن اللسان فاكهة الإنسان وإذا تعود اللسان صعب عليه الصبر عنها فبعد عليه النجاة منها ولهذا تجد الرجل يقوم الليل ويصوم النهار ويتورع عن استناده إلى وسادة حرير أو قعوده عليه في نحو وليمة لحظة واحدة ولسانه يفري في الأعراض غيبة ونميمة وتنقيصا وإزراءا ويرمي الأفاضل بالجهل ويتفكه بأعراضهم ويقول على ما لا يعلم وكثيرا ممن نجده يتورع عن دقائق الحرام كقطرة خمر ورأس إبرة من نجاسة ولا يبالي بمعاشرة المرد والخلوة بهم وما هنالك وما هو إلا كأهل العراق السائلين ابن عمر عن دم البعوض وقد قتلوا الحسين رضي الله تعالى عنه (ابن قانع) أحمد في المعجم (طب عن الحارث بن هشام) بن المغيرة المخزومي أخو أبي جهل وهو الذي أجارته أم هانئ يوم الفتح وقيل غيره مات بالشام مرابطا قال:
قلت يا رسول الله أخبرني بأمر أعتصم به فذكره قال الهيثمي رواه الطبراني بإسنادين إحداهما جيد.
1653 - (أملك عليك لسانك) أي احفظه وصنه لعظم خطره وكثرة ضرره، قال ذو النون رضي الله عنه أصون الناس لنفسه أملكهم للسانه وقال ابن مسعود أو عمر ما على الأرض أحوج إلى
(٢٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»