فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ١٧٣
1514 - (اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري) أي الذي هو حافظ لجميع أموري فإن من فسد دينه فسدت جميع أموره وخاب وخسر في الدنيا والآخرة (وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي) أي بإعطاء الكفاف فيما يحتاج إليه وكونه حلالا معينا على الطاعة (وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي) أي ما أعود إليه يوم القيامة وهو إما مصدر أو ظرف ذكره ابن الأثير قال الحرالي قد جمع في هذه الثلاثة صلاح الدنيا والدين والمعاد وهي أصول مكارم الأخلاق التي بعث لإتمامها فاستقى في هذا اللفظ الوجيز صلاح هذه الجوامع الثلاث التي حلت في الأولين بداياتها وتمت عند غاياتها فإصلاح الدين بالتوفيق لإظهار خطاب ربه من جهة أحوال قلبه وأخلاق نفسه وأعمال بدنه فيما بينه وبين ربه من غير التفات لعرض النفس والبدن إلا بالتطهر منه واستعمال الحلال الذي تصلح النفس والبدن عليه لموافقته لتقويتها وإصلاح المعاد بخوف الزجر والنهي التي لا تصلح الآخرة إلا بالتطهر منه لبعده عن حسناها وخوف الأمر الذي تصلح الآخرة عليه لتقاضيه لحسناها والمقصود بالزجر والنهي الردع عما يضر في المعاد إلا أن الردع على وجهين خطاب لمعرض ويسمى زجرا كما يسمى في حق البهائم وخطاب المعتل على التفهم ويسمى نهيا فكان الزجر يزيغ الطبع والنهي يزيغ العقل انتهى (واجعل الحياة زيادة لي في كل خير) أي اجعل حياتي زيادة سبب طاعتي (واجعل الموت راحة لي من كل شر) أي اجعل موتي سبب خلاصي من مشقة الدنيا والتخلص من غمومها وهمومها لحصول الراحة. قال الطيبي وهذا الدعاء من جوامع الكلم (م) في الدعوات (عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري.
1515 - (اللهم إني أسألك الهدى) أي الهداية إلى الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم، (والتقى) الخوف من الله والحذر من مخالفته (والعفاف) الصيانة عن مطامع الدنيا (والغنى) غنى النفس والاستغناء عن الناس، قال الطيبي أطلق الهدى والتقى ليتناول كل ما ينبغي أن يهدى إليه من أمر المعاش والمعاد ومكارم الأخلاق وكلما يجب أن يتقى منه من شر ك ومعصية وخلق ديني (م ت ه) كلهم في الدعوات (عن ابن مسعود) ولم يخرجه البخاري.
1516 - (اللهم استر عورتي) أي ما يسوؤني إظهاره (وآمن روعتي) خوفي وفزعي (واقض عني ديني) بأن تقدرني على وفائه والقضاء لغة على وجوه ترجع إلى انقضاء الشئ وتمامه (طب عن
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»