موارد الظمآن - الهيثمي - ج ٦ - الصفحة ٤٦٠
دنا من جدار فجلس إليه، فأخذت بمجامع قميصه ونظرت إليه بوجه غليظ، ثم قلت: ألا تقضيني يا محمد حقي؟، فوالله - ما علمتكم - بني عبد المطلب مطل، ولقد كان لي لمخالطتكم علم.
قال: ونظرت إلى عمر بن الخطاب، وعيناه تدوران في وجهه، كالفلك المستدير، ثم رماني بنظره وقال: أي عدو الله، أتقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أسمع وتفعل به ما أرى؟. فوالذي بعثه بالحق، لولا ما أحاذر فوته لضربت بسيفي هذا عنقك. ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر إلى عمر في سكون وتؤدة، ثم قال: " إنا كنا أحوج إلى غير هذا منك يا عمر: أن تأمرني بحسن الأداء، وتأمره بحسن التباعة. اذهب به يا عمر فاقضه حقه وزده عشرين صاعا (167 / 1) من غيره مكان ما رعته ". فذهب بي عمر فقضاني حقي، وزادني عشرين صاعا من تمر. فقلت له: ما هذه الزيادة؟. قال: أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أزيدكها مكان ما رعتك.
قلت: أتعرفني يا عمر؟. قال: لا، من أنت؟.
قلت: زيد بن سعنة. قال: الحبر؟. قلت: نعم، الحبر. قال:
فما دعاك إلى أن تقول لرسول الله ما قلت، وتفعل به ما فعلت؟.
قلت: يا عمر كل علامات النبوة قد عرفتها في وجه رسول
(٤٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 454 455 456 457 458 459 460 461 462 463 464 » »»