عن مجلس الحسن البصري وذلك أنه دخل على الحسن رجل فقال يا إمام الدين ظهر في زماننا جماعة يكفرون صاحب الكبيرة يعني وعيدية الخوارج وجماعة أخرى يرجئون الكبائر ويقولون لا تضر مع الإيمان معصية كما لا تنفع مع الكفر طاعة فكيف تحكم لنا أن نعتقد في ذلك فتفكر الحسن وقبل أن يجيب قال واصل أنا لا أقول إن صاحب الكبيرة مؤمن مطلق ولا كافر مطلق ثم قام إلى أسطوانة من إسطوانات المسجد وأخذ يقرر على جماعة من أصحاب الحسن ما أجاب به من أن مرتكب الكبيرة أوليس بمؤمن ولا كافر ويثبت له المنزلة بين المنزلتين قائلا إن المؤمن اسم مدح والفاسق لا يستحق المدح فلا يكون مؤمنا وليس بكافر أيضا لإقراره بالشهادتين ولو وجود سائر أعمال الخير فيه فإذا مات بلا توبة خلد في النار إذ أوليس في الآخرة إلا فريقان فريق في الجنة وفريق في السعير لكن يخفف عليه ويكون دركته فوق دركات الكفار فقال الحسن قد اعتزل عنا واصل فلذلك سمي هو وأصحابه معتزلة ويلقبون بالقدرية لإسنادهم أفعال العباد إلى قدرتهم وإنكارهم القدر فيها وأنهم قالوا إن من يقول بالقدر خيره وشره من الله أولى باسم القدرية منا وذلك لأن مثبت القدر أحق بأن ينسب إليه من نافيه فنقول كما يصح نسبة مثبته إليه يصح نسبة النافي أيضا إذا بالغ في نفيه لأن ملتبس به ولا يمكن حمل القدرية على المثبتين له لأنه يرده قوله صلى الله عليه وسلم (القدرية مجوس هذه الأمة) فإنه يقتضي مشاركتهم للمجوس فيما اشتهروا به من إثبات خالقين لا في قولهم بأن الله خلق شيئا ثم أنكره والنافون له هم المشاركون لهم في تلك
(٦٥٨)