المواقف - الإيجي - ج ٢ - الصفحة ٦٩٧
حصول المجرد في العقل لأن حصوله فيه نفس المقارنة فلو توقف إمكان المقارنة عليه كان إمكان الشيء متوقفا على وجوده ومتأخرا عنه وأنه محال وإذا لم يتوقف إمكان المقارنة على وجود المجرد في العقل أمكن المقارنة حال كون المجرد موجودا في الخارج ولا يتصور ذلك إلا بحصول الغير في المجرد وحلوله فيه وهو عين تعقله إياه وإذا أمكن تعقله له كان حاصلا بالفعل لأن التغير والحدوث من توابع المادة الجواب لا نسلم أن كل مجرد يمكن تعقله كالباري تعالى فإن حقيقته مجردة مع أنه لا يمكن تعقلها للبشر عندكم وحقيقة العقول والنفوس فإنها غير معقولة لنا أين الجزم بإمكان تعقلها ولا نسلم أن المجرد في صيرورته معقولا لا يحتاج إلى عمل يعمل به إنما يصح ذلك إذا انحصر المانع من التعقل في المادة وتوابعها هو ممنوع وإن سلمنا فلا نسلم أن كل ما يمكن تعقله مع الغير وما الدليل عليه والوجدان الشاهد بعدم التضاد والتنافي بين التعقلات لا يعمم شهادته لعدم تعلقه بجميع المفهومات كيف والغير قد يكون مما لا يجوز تعقله كما أشرنا إليه وإن سلم فلا نسلم أنه أي تعقله مع الغير يقتضي مقارنة الماهية المجردة التي لذلك الغير للعقل أي للمجرد المعقول وإنما يصح ذلك لو كان العلم حصول الماهية المجردة في العقل حتى إذا تعقلا معا كانا موجودين متقارنين فيه وقد تكلمنا فيه حيث بينا أن للعلم تعلقا خاصا بين العالم والمعلوم وإن سلمنا أن تعقلهما يستلزم تقارنهما في الوجود الذهني فلا نسلم أنه يلزم من جواز المقارنة بينهما في العقل جواز مقارنته أي مقارنة المجرد للغير مطلقا قوله وإلا لكان مقارنته للعقل مشروطة بكونها في العقل ويلزم الدور قلنا إنما يلزم ذلك أن لو كانت المقارنتان أي مقارنة أحد
(٦٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 691 692 693 694 695 696 697 698 699 700 701 » »»