المجرد مع ماهية غيره كانا معا حاصلين في العقل فيكون كل منهما مقارنا للآخر فيه فإذا أمكن أن يقارن ماهية الغير المجرد في العقل فيمكن أيضا أن يقارنها أي يقارن ماهية الغير ماهية المجرد مطلقا أي سواء كان المجرد موجودا في العقل أو في الخارج إذ كونها أي حصول ماهية المجرد في العقل ليس شرطا للمقارنة المطلقة وصحتها لأنه لو كان شرطا للمقارنة على الإطلاق وصحتها لكان مقارنته أي مقارنة المجرد للعقل التي هي أخص من مطلق المقارنة مشروطة أيضا بكونها أي بكون ماهية المجرد في العقل لأن الأخص لا بد أن يكون مشروطا بما شرط به الأعم وحينئذ يلزم الدور لأن كون ماهية المجرد في العقل هو عين مقارنته له المشروط به وإذا لم يكن كون المجرد في العقل شرطا للمقارنة بينه وبين ماهية الغير جازت المقارنة بينهما إذا كان المجرد موجودا في الخارج وإذا جاز مقارنة الماهية الكلية المجردة التي للغير إياها يعني ماهية المجرد حال كونها موجودة في الخارج أمكن تعقلها أي تعقل الماهية الكلية له أي للمجرد إذ لا معنى لتعقله للماهية الكلية إلا مقارنة تلك الماهية له في وجوده الخارجي وكل ما هو ممكن له فهو حاصل له بالفعل دائما لم عرفت فإذن هو عاقل لكل ما يغايره من الكليات بالفعل وهو المطلوب ومحصول الكلام أن المجرد يصح أن يكون معقولا إذ لا مانع فيه من تعقله وكل ما يصح أن يكون معقولا يصح أن يعقل مع كل واحد مما يغايره من المفهومات وكل ما أمكن أن يعقل مع غيره أمكن أن يقارن ماهيته ماهية غيره لأن تعقل الشيء عبارة عن حصول ماهيته في العقل ثم إن إمكان مقارنة المعقول المجرد الماهية معقول آخر ليس متوقفا على
(٦٩٦)