خاتمة في الجن والشياطين وهي عند المليين أجسام تتشكل بأي شكل شاءت ومنعه الفلاسفة لأنها إما أن تكون لطيفة أو لا وكلاهما باطل أما الأول فلأنه يلزم أن لا تقدر على الأفعال الشاقة وتتلاشى بأدنى قوة وهو خلاف ما تعتقدونه وأما الثاني فلأنه يوجب أن ترى لو جوزنا أجساما كثيفة لا نراها لجاز أن يكون بحضرتنا جبال وبلاد لا نراها وبوقات وطبول لا نسمعها وهو سفسطة والجواب أن لطفها بمعنى الشفافية فلا يلزم أحد الأمرين لجواز أن يقوى الشفاف على الأفعال الشاقة ولا ينفعل بسرعة ومع ذلك فلا نراها وبالجملة فإن أردتم باللطافة الشفافية فنختار أنها لطيفة ولا يلزم عدم قوتها وإن أردتم سرعة الانفعال والانقسام إلى أجزاء ورقة القوام فنختار أنها غير لطيفة ولا يلزم رؤيتها كالسماء كيف وقد يفيض عليها القادر المختار مع لطافتها قوة عظيمة فإن القوة لا تتعلق بالقوام ألا ترى أن قوام الإنسان دون قوام الحديد والحجر وترى بعضهم يفتل الحديد ويكسر الحجر ويصدر منه ما لا يمكن أن يسند إلى غلظ القوام وترى الحيوانات مختلفة في القوة اختلافا ليس بحسب اختلاف القوام كما في الأسد مع الحمار قال قوم هي النفوس الأرضية وهي مختلفة فمنها الملائكة الأرضية ومنها الجن ومنها الشياطين وغير ذلك فهذه جنود لربك لا يعلمها إلا هو وقال قوم هي النفوس الناطقة المفارقة فالخيرة تتعلق بالخيرة وتعاونها على الخير
(٦٩٣)