المواقف - الإيجي - ج ٢ - الصفحة ٦٨٠
بشرطها كملا فتكون للبدن الواحد نفسان وهو باطل بالضرورة فإن كل أحد يجد أن نفسه واحدة واعلم أن هذا الذي ذكره أرسطو في حدوث النفس وبطلان التناسخ دور صريح فإنه بين حدوث النفس بلزوم التناسخ على تقدير قدمها وإبطاله ثم بين بطلان التناسخ بحدوث النفس وإنما يصح له ذلك لو بين أحدهما بطريق آخر مثل ما يقال في إبطال التناسخ أنه يلزم تذكرها لأحوالها في البدن الآخر أو أن استعداد الأبدان للنفوس وتكونها أي حدوث النفوس على وتيرة واحدة فإنه كلما استعد بدن حدث نفس بخلاف مفارقة النفوس مع حدوث الأبدان إذ قد يتفق وباء أي فساد هواء أو جايحة أي حادثة مستأصلة كالطوفان أو قتل عام يهلك فيها من النفوس دفعة ما يعلم بالضرورة أنه لم يحدث في ذلك الزمان بخلاف العادة ذلك المبلغ من الأبدان كما نقل من أنه وقع حرب في أرض يونان فقتل في يوم واحد مائتا ألف من الجانبين ومن المعلوم أنه لم يحدث في ذلك اليوم أبدان بهذا العدد في جوانب العالم لتتعلق بها تلك النفوس المفارقة عن أبدانها فلو كان تعلق النفوس على طريقة التناسخ لزم تعطل بعضها إلى أن يحدث بدن تتعلق به وليس شيء منها والأظهر منهما أي من هذين الطريقين الآخرين يصلح للتعويل إذ لا نسلم لزوم التذكر لأحوالها في البدن السابق لجواز كونه مشروطا بالتعلق به على أنه قد نقل عن بعضهم أنه قال إني لأتذكر كوني في صورة الجمل ولا نسلم أن عدد أبدان الحيوانات الصغيرة والكبيرة في البحور والبراري لا يساوي عدد تلك النفوس المفارقة
(٦٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 675 676 677 678 679 680 681 682 683 684 685 ... » »»