المواقف - الإيجي - ج ٢ - الصفحة ٦٧٧
واعلم أن هذا دور صريح فإنه بين حدوث النفس بلزوم التناسخ وإبطاله ثم بين بطلان التناسخ بحدوث النفس وإنما يصح له ذلك لو بين أحدهما بطريق آخر مثل ما يقال في إبطال التناسخ أنه يلزم تذكرها لأحوالها في البدن الآخر أو أن استعداد الأبدان للنفوس وتكونها على وتيرة بخلاف مفارقة النفوس إذ قد يتفق وباء أو جائحة أو قتل عام يهلك فيها من النفوس ما يعلم بالضرورة أنه لم يحدث في ذلك الزمان بخلاف العادة ذلك المبلغ من الأبدان وليس شيء منها يصلح للتعويل وعلى أصل الدليل اعتراضات تعرفها إن كان ما مهدنا لك من الأصول على ذكر منك فلا نعيدها حذرا من الإطناب الشرح المقصد الثالث في أن النفس الناطقة حادثة اتفق عليه المليون إذ لا قديم عندهم إلا الله وصفاته عند من أثبتها زائدة على ذاته لكنهم اختلفوا في أنها هل تحدث مع حدوث البدن أو قبله فقال بعضهم تحدث معه لقولهم تعالى بعد تعداد أطوار البدن * (ثم أنشأناه خلقا آخر) * والمراد بهذا الإنشاء إفاضة النفس على البدن وقال بعضهم بل قبله لقوله صلى الله عليه وسلم (خلق الله الأرواح قبل الأجساد بألفي عام) وغاية هذه الأدلة الظن دون اليقين الذي هو المطلوب أما الآية فلجواز أن يريد بقوله * (ثم أنشأناه) * جعل النفس متعلقة به وإنما يلزم من ذلك حدوث تعلقها لا حدوث ذاتها وأما الحديث فلأنه خبر واحد فتعارضه الآية وهي مقطوعة المتن مظنونة الدلالة والحديث بالعكس فلكل رجحان من وجه فيتقاومان هذا كما ذكرناه وأما الحكماء فإنهم قد اختلفوا في حدوثها فقال به أرسطو ومن تبعه ومنعه من قبله وقالوا بقدمها احتج أرسطو بأنها لو قدمت فإما أن تكون قبل التعلق
(٦٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 672 673 674 675 676 677 678 679 680 681 682 ... » »»